الباب الأوّل
المقدّمة
أ. خلفيّة البحث
من المسلّم به أنّ الأسرة هي الخلية الحيوية الأساسية التي يتكون منها جسم المجتمع البشري, فاذا صلحت صلح المجتمع كلّه وإذا فسدت فسد المجتمع كلّه...بل هي الأمة الصغيرة. منها تعلم النوع الإنساني أفضل أخلاقه الإجتماعية فلا أمة حيث لا أسرة بل لا أدمية حيث لا أسرة.
وتستمد الأسرة أهميتها وعلو شأنها من أنّها هي البيئة الإجتماعية الأولى والوحيدة التي تستقبل الإنسان منذ ولادته, وتستمرّ معه مدى حياته, تعاصر انتقاله من مرحلة إلى مرحلة بل لايوجد نظام اجتماعي اخر يحدد مصير النوع الإنساني كله كما تحدده الأسرة.
ولايوجد نظام أولى من الأسرة من العناية والرعاية الكاملة مثل نظام الإسلام, فشملها بتوجيهاته التربوية وحدد لها من قواعده التشريعية, ما يكفل قيامها على أسس سليمة ويرفع مستواها ويوثق أواصر العلاقات بين افرادها ويدعم كيانها ويؤمّن حياتها.
ذلك أنّ الأسرة في المنهج الإسلامي هي القاعدة الركنية التي تقوم عليها الجماعة المسلمة ويقوم عليها المجتمع الإسلامي, فاستحقت أن يحيطها القران برعاية ملحوظة, واستغرق تنظيمها وحكايتها وتطهيرها من فوضى الجاهلية جهدا كبيرا, نراه ماثلا بإحاطة وتفصيل في صور شتّى من صحائفه, يربطها بالله وتقواه في كثير من اياته, ويمدّها بالإشعاعات الروحية والتنظيمات القانونية والضمانات التشريعية في كل حالة من حالاتها.
إنّ النظام الإجتماعي الإسلامي نظام الأسرة, بما أنّه نظام ربّاني للإنسان ملحوظ فيه كل خصائص الفطرة الإنسانية وحاجاتها ومقوماتها.
إنّ الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الطفولة الناشئة ورعاياتها وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها وفي ظلالها تتلاقى مشاعر الحبّ والرحمة والتكافل وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة, وتفسّر معنى الحياة الإنسانية وأهدافها وتعرف كيف تتعامل مع الأحياء. ذلك أنّ الطفل النوع الإنساني هو أطول الأحياء طفولة, تمتدّ طفولته أكثر من أيّ طفل اخر للأحياء الأخرى. فمرحلة الطفولة هي فترة إعداد وتدريب للدور المطلوب من كلّ حيّ في مستقبل حياته. ولمّا كانت وظيفة الإنسان هي أكبر وظيفة, ودوره هو أضخم دور.... ١, فهي أمانة الإستخلاف, ودور المبتلى الممتحن بهذه الأمانة تقتضى ان تمتدّ طفولته فطرة أطول, ليحسن اعداده وتدريبه للمستقبل, ومن ثمّ كانت حاجته لملازمة أبويه أشدّ من حاجة أيّ طفل لنوع من الأحياء الأخرى, وكانت الأسرة المستقرة الهادفة ألزم للنظام الإنساني, وألصق بفطرة الإنسان وتكوينه ودوره في هذه الحياة۲
وعلم أيضا أنّ للأسرة أثرا كبيرا في تكوين خلق الإنسان وعادته ولغته وذوقه كما أنّ للبيئة الإجتماعية أثرا لاينكر في حياة الطفل وسلوكه. فقد تهدم تلك البيئة ما بناه الأسرة من عادات وأخلاق وذوق ونظام.
ولمّا كانت الأسرة لاتكفى لتربية الطفل تربية كاملة وجب إيجاد بيئة خاصة كاملة, تعمل على تغذية مواهب الطفل بطريقة صالحة وتربيته تربية تلائم المجتمع الذي ينتسب إليه, وتجتهد في إيجاد مجتمع أرقى وأفضل من المجتمع الذي كان يتأثر به لو ترك ونفسه.
ولأسرة تكون من أب وأم واخوان واخوات والجد والجدة وغير ذلك۳.ولهم مسؤوليّات عظيمة في التربية الأسرية.
لأجل ذلك اهتمّ الباحث أن يبحث عن أهمّية التربية الأسرية في الإسلام دراسة تحليلية عن سورة التحريم أية ٦ ..... ٤
ب. اسباب اختيار الموضوع
قد كانت الأسباب التي تحثّ الباحث على أن يختار هذا الموضوع. وتلك الأسباب لقد وجدت في مجتمعنا الآن وتصير انهداما عظيما نحو التربية وخاصة نحو التربية الإسلامية. لماذا؟ لأنّ الموضوع الذي يبحث الباحث " أهمّية التربية الأسرية في الإسلام دراسة تحليلية عن سورة التحريم أية ٦ " أساسيّ وأهمّية كبيرة في تكوين تربيتنا تربية ناجحة في حياتنا وحياة مجتمعنا لاسيما اخرتنا. ومن الأسباب:
١. لكثرة الآباء لايهتمون بتربية أولادهم وخاصة الناحية الدينية.
٢. تقصير الآباء عن تعليم أولادهم بحجّة التعب بعد عناء العمل.
٣. إنحطاط أخلاق أولادنا لإهمالهم عن التربية الأسرية التي كانت المدرسة الأولى لتربية إسلاميّة.
ج. توضيح الموضوع
هذا البحث تحت الموضوع أهمّية التربية الأسرية في الإسلام دراسة تحليلية عن سورة التحريم أية ٦. وقبل أن يبحث ويكشف عميقا يريد الباحث أن يوضح معاني مصطلحات الموضوع توضيحا وتبيينا بعبارة سهلة تسهيلا لمن يقرؤه وهي كما يلى:
• أهمّية : مصدر من مهمّ مرادفه هام بمعنى يملك فيما زائدا.
• التربية : إذا رجعنا إلى معاجم اللفة العربية وجدنا لكلمة التربية أصولا لغوية ثلاثة: الأصل الأوّل ربا يربو بمعنى زاد ونما, الأصل الثاني ربي يربى على وزن خفي يخفى ومعناها نشأ وترعرع, الأصل الثالث ربّ يربّ على وزن مدّ يمدّ بمعنى أصلحه وتولّى أمره وساسه وقام عليه ورعاه٥ . قال أفلاطون التربية هي إعطاء الجسم والروح كا ما يمكن من الجمال وكل ما يمكن من الكمال وقال أرسطو إنّ الغرض من التربية إعداد العقل لكست العلم كما تعدّ الأرض للنبات والزرع. وفي الرأي الأخر إنّ التربية هي إعداد المرء ليحيا حياة كاملة ويعيش سعيدا محبّا لوطنه قويّا في جسمه كاملا في خلقه منظما في تفكيره رقيقا في شعوره ماهرا في عمله متعاونا مع غيره يحسن التعبير بقلمه ولسانه ويجيد العمل بيده٦ .
• الأسرية : صفة من التربية تزاد بياء النسبة وأصل صيغتها الأسرة. مفهوم الأسرة عند الباحثين الأسرة لغة هي أهل الرجل وعشيرته, وفي الإصطلاح الشرعي هي الجماعة المعتبرة نواة المجتمع والتي تنشأ برابطة زوجية بين رجل وامرأة ثم يتفرع عنها الأولاد وتظل ذات صلة وثيقة بأصول الزوجين من أجداد وجدّات وبالحواشي من إخوة وأخوات وبالقرابة القريبة من الأحفاد ( أولاد الأولاد ) والأسباط ( أولاد البنات ) والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم. ويجمع المعنيين اللغوي والإصطلاحي : مفهوم الجماية والنصرة وظهور رابطة التلاحم القائمة على أساس العرق والدم والنسب والمصاهرة والرضاع٧. وقال بطرس البستانى في قاموس لغوي المحيط وسميت بهذا الإسم "الأسرة" لما فيها من معنى القوّة حيث يتقوي بها الرجل٨.
• الإسلام : الإسلام في اللغة والقرأن هو الإستسلام والخضوع, وأما الإصطلاح هو النظام الإلهي الذي ختم الله به الشرائع وجعله الله نظاما كاملا شاملا لجميع نواحي الحياة وارتضاه لتنظيم علاقة البشر بخالقهم وبالكون والخلائق وبالدنيا والأخرة وبالمجتمع والزوجة والولد والحاكم والمحكوم ولتنظيم كلّ الإرتباطات التي يحتاج إليها الناس تنظيما مبنيا على الخضوع لله وحده وإخلاص العبودية له وعلى الأخذ بكلّ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم٩.
د. تحديد البحث
ليكون هذا البحث منحصرا ولأن لاتتسع المسألة عزم الباحث على تحديد البحث على الأمور الآتية :
١. منهج التربية الأسرية
٢. أساس منهج التربية الأسرية الذي يتضمن في سورة التحريم أية ٦
٣. أهمّية التربية الأسرية في الإسلام
ه. قضية البحث
من القضايا التي كتبها الباحث فيما يتعلق بهذا الموضوع هي:
١. ما منهج التربية الأسرية ؟
٢. ما أساس منهج التربية الأسرية الذي يتضمن في سورة التحريم أية ٦؟
٣. ما أهمّية التربية الأسرية في الإسلام؟
و. اهداف البحث
بناء على ما سبق تكون الأهداف التي يرمى إليها الباحث في بحثه:
١. لمعرفة منهج التربية الأسرية.
٢. لمعرفة أساس منهج التربية الأسرية الذي يتضمن في سورة التحريم أية ٦.
٣. لمعرفة أهمّية التربية الأسرية في الإسلام.
ز. منهج البحث
۱. نوع البحث
أخذ هذا البحث منهجا من مناهج البحث ويستعمله فيه وهو المنهج الوثائقية أوالمكتبية الذي يقصد به لجمع المادة والإعلام بواسطة ما وجد في المكتبة من الكتب والمجلات والكتابة العربية والإندونسية وغير ذلك. وكانت دراسته دراسة نحليلية وهي الدريسة التي تبدأ بأساس المعارف العامة ثم تبحث الخاصة منها.
۲. مصادر المادة
تنقسم مادة هذا البحث إلى القسمين وهما:
الأول المادة الأصولية الأساسية وهي مايعتمد به الباحث من الكتب التي تبحث عن التربية الأسرية وما يتعلق بها, ومنها:
• توفيق يوسف الواعى, التربية الأسرية في الإسلام
• عبد الرحمن النحلاوى, أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع.
• الدكتور الصفصافي أحمد المرسى, القيم الأسرية بين الأصالة والمعاصرة
• محمد عطية الإبراشى, روح التربية والتعليم
• محمد بن يحيى بن محمد موسى عطيف, حقوق الأبناء على الآباء
والثاني المادة الأصولية الثانوية وهي كتب التفاسير التي تفسّر عن سورة التحريم أية ٦ التي تتضمن على أساس منهج التربية الأسرية. ومنها:
• أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, جامع البيان عن تأويل اي القران
• أحمد مصطفى المراغي, تفسير المراغي
• الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي, التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج
• محمد قريش شهاب, تفسير المصباح
۳. المنهج
المنهج هو الذي يرسم للبحث أساليب البحث وأهدافه وما يكون فيه مرحلة من مراحل البحث. في هذه الرسالة وينهج الباحث ما يأتي من مناهج وهي:
١. المنهج الوصفي
هي الحقائق التي تجمع بصفة الكلمات وليس بأحرف وهذا الحال بأدم صت المنهج (Kualitatif) ولذلك جميع ما يمكن أن يكون مفتوحا إلى تدقيق۱۰.
٢. المنهج القياسي
هو المنهج الإستنباطي والإستنتاجي حيث ينطلق من المعلومات العامة ويريد بها انتاج الحوادث الخاصة. لتعتمد الباحث على هذا المنهج بيانا للبيانات العامة۱۱.
٣. المنهج الإستقرائي
هي طريقة فكرية من الحقائق الخاصة إلى القاعدة العامة. هي المنهج الإستنباطي حين يبدأ الباحث لجمع الحقائق المتعلقة إلى أن يبحثها ثم يستنبط منها قاعدة۱۲
٤. المنهج التحليلي
هو أن يعتمد الباحث في بناء راءية على المنهج الإستنباطي. وأما الطريقة التي اختارها الباحث لجمع المواد فهي:
أ. الطريقة المباشرة
هي أخذ الباحث المواد من المراجع على ما أورده العلماء بنفس نصوصهم وعبارتهم دون تغيير وتبديل.
ب. الطريقة غير المباشرة
هي كتب الباحث أراء العلماء ببعض التصرفات والزيادات وأحيانا أخذ صلب فكرتهم.
ج. طريقة الترجمة
ح. خطة البحث
الباب الأوّل
هو المقدّمة حيث يعرف الباحث خلفية البحث ثم أسباب اختيار الموضوع وتوضيح الموضوع حيث يبيّن الباحث تعريف الفاظ الموضوع تفصيلا وتحديد البحث ويليه تقديم الأمور التي يدفع الباحث كتابة هذا البحث ثم الأهداف التي يومئ إليها الباحث في هذا البحث وأخر هذا الباب بكتابة مناهج وطرق التي يسلك عليها الباحث .
الباب الثاني
هو البحث حيث يعرض فيه الباحث عن منهج التربية الأسرية ويليه تعريفها وأهمّيتها في التربية ودور الأبوين فيها وحقوق الوالدين والأولاد.
الباب الثالث
هو البحث حيث يعرض فيه الباحث عن التفاسير التربوية الأسرية التي تتضمن في سورة التحريم أية ٦ ويليه تعريف الفاظ ايتها واسباب نزولها ومضمونها وأراء المفسّرين عنها.
الباب الرابع
هو البحث حيث يعرض فيه الباحث عن أهمّية التربية الأسرية في الإسلام
الباب الخامس
يعرض الباحث فيه الخاتمة التي فيها تلخيص البحث والإقتراحات والإختتام. وأخيرا نرجو الله عزّ وجلّ ان ينفع هذا البحث العلمي الذي يكتب باللغة العربية برهانا لمحبة الله والرسول والله أعلم .۱۳
المراجع
.د. أكرم رضا, قواعد تكوين البيت المسلم, دار التوزيع والنشر الإسلامية ۲۰۰٤
عبد الرحمن النحلاوى, أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع, دار الفكر ۱۹۹۹
محمّد عطية الإبراشى, " روح التربية والتعليم ", دار احياء الكتب العربية الطبعة العاشرة
أ.د. توفيق يوسف الواعى," التربية الأسرية في الإسلام, " دار البحوث العلمية الطبعة الأولى ٢٠٠٤
Nana,Syadih Sukmadinata. Prof.Dr. Metodologi Penelitian Pendidikan,Rosda Karya, Bandung,1996
Hadi, Sutrisno, Prof.Dr. Metodologi Research, Jilid I, Andi Offset,Yogyakarta,1997 .
Lexy. J. Meoleong. Prof.Dr. Metodologi Penelitian Kualitatif,Rosda Karya,Bandung,2002
Lanjuuut..
Senin, 03 Mei 2010
اسلوب المجادلة
اسلوب المجادلة
تعريف:
لغة: جادله مجالدة وجدالا.
اصطلاحا: عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة أوشبة, أو مقابلة الأدلة لظهور أرجحها.
قد تكون المجادلة بالحسنى وقد تكون بالباطل. قال الله تعالى : • •
وقال الله تعالى: وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ (الأية).
فالجدل الذي يهدف الى احقاق الحق ونصرته ويكون بأسلوب صحيح مناسب ويؤدي الى الخير فهو الجدل الممدوح.
والجدل الذي يهدف الى ذلك ولم يسلم أسلوبه ولايؤدى الى خير فهو الجدل المذموم.
أهميته:
تظهر أهمية أسلوب الجدل فى الدعوة الى الله تعالى من عدة أمور, منها:
1. (الجدل) أمر فطريّ, جبل عليه الإنسان, يصدر من الصالح والطالح, والكبير والصغير, والرجل والمرأة.والأمور الفطرية لابد للداعية من ملاحظتها ومراعتها فى دعوته.
2. امر الله باستخدامه,
3. استخدام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للجدلفى دعوتهم.
4. اهتمام الدعوة به من زمن الصحابة رضوان الله عليهم الى يومنا هذا.
اآداب الجدل والمناظرة:
لاسلوب الجدل اآدب عديدة منها مايتعلق بدوافعه وأسبابه, ومنها مايتعلق بأسلوبه وكيفيته, ومنها مايتعلق باآثاره ونتائجه. والآداب التى ذكرها تاعلماءتتضافر على ثلاثة أمور أساسية, وهي:
أ. تصحيح الهدف والغاية من الجدل.
ب. تصحيح الأسلوب والشكل
ت. تصحيح النتيجة وسلامة الآثار.
خصائص أسلوب الجدل:
لأسلوب الجدل خصائص ومزايا عديدة, منها:
1.اعتماده على العلم والمعرفة, فلايصح الجدل من غير علم.
2. اقامة الحجة على الخصم وافحامه. فالاصل فى اسلوب الجدل ان يقيم الحجة واضحة, ولايترك للمجادلة حجة يتمسك بها, أوشبهة يستدل بها على باطله.
3. تنويع بواعثه ودوافعه تنوعا كبيرا. فمنها:
* بواعث نفسية: كالقناعة الشديدة بفكرة ما, او التعجب والإستغراب من امر ما. كما حدث من جدال الملائكة لله عز وجل فى خلق آدم وجعله خليفة.
* بواعث علمية: كالاستفادة والسؤال عما يجهل ومناقش الأدلة والترجيح بينها.
* بواعث اجتماعية: كالتحمس والتعصب لقول أورأي أو مذهب, أو للتمسك بما كان عليه الاآباء والأجداد.
والله أعلم بالصواب
Lanjuuut..
الشيعة الغلاة
الشيعة الغلاة
أ. تعريف الشيعة الغلاة
هم عبارة عن القائلين بألوهية الأمير كرم الله تعالى وجهه، ونحو ذلك من الهذيان، وعندنا ان ابن أبي الحديد في بعض تلوناته، وكان يتلون تلون الحرباء كان من هذه الفرقة، وكم له في قصائده السبع الشهيرة من هذيان، كقوله يمدح الأمير كرم الله تعالى وجهه:
ألا إنما الإسلام لولا حسامه كعطفة عنز أو قلامة ظافر ، وقوله: يجل عن الأعراض والأين والمتى ويكبر عن تشبيهه بالعناصر، إلى غير ذلك. وأول حدوثهم، قيل في عهد الأمير بإغواء ابن سبأ أيضا، وقد قتل كرم الله تعالى وجهه من صح عنده انه يقول بألوهيته فلم ينحسم بذلك عرق ضلالتهم، ولم ينصرم حبل جهالتهم، بل استمر الفساد، وقوى العناد، ومن يضلل الله فما له من هاد،
ب. تقسيم الشيعة الغلاة
هذه الفرقة على قلتها بالنسبة إلى الفرق الأخرى انقسمت إلى أربع وعشرين فرقة:ط
1. السبئية 13. والذبابية
2. والمفضلية والسريغية 14. والذمية
3. والكاملية 15. والاثنينية
4. والبزيغية 16. والخمسية
5. والمغيرية 17. والنصيرية
6. والجناحية 18. والإسحاقية
7. والبيانية 19. والعلبائية
8. والمنصورية 20. والمروزية
9. والغمامية 21. والمقنعية
10. ويقال لهم الربيعية 22. والخطابية
11. والأموية 23. والمعمرية
12. والتفويضية 24. والغرابية
ج. بيان ما غلت به في التحفة وفي غيرها.
وأكثر الفرق الأربع الشيعة السبيّة، فقد انتشرت في جميع الربع المعمور، فلا تكاد ترى بلدا إلا وهو بها مغمور، والإمامية فرقة منها، وهي أيضا فرقة كبيرة وطائفة كثيرة، وقد انقسمت إلى تسع وثلاثين فرقة على ما في التحفة:
الأولى الحسنية: يقولون ان الحسن المجتبى هو الإمام بعد أبيه علي المرتضى، والإمام من بعده الحسن المثنى بوصيته له، ثم ابنه عبد الله، ومن ثم ابنه محمد الملقب بالنفس الزكية، ثم أخوه إبراهيم بن عبد الله، وهذان خرجا في عهد المنصور الدوانيقي، ودعوا الناس إلى متابعتهما فتبعهما خلق كثير، واستشهدا بعد حرب شديد على يد بعض أمراء الدوانيقي رحمه الله تعالى عليهما، وقد ظهرت هذه الفرقة سنة مائة وخمس وتسعين.
الثانية النفسية: وهي طائفة من الحسنية تقول: ان النفس الزكية لم يقتل بل غاب واختفى وسيظهر بعد.
الثالثة الحكمية: ويقال لها الهشامية أيضا، وهم أصحاب هشام بن الحكم يقولون بإمامة الحسين بعد أخيه الحسن، ثم بإمامة أولاده على الترتيب المشهور إلى الصادق، وقد ظهرت سنة مائة وتسع.
الرابعة السالمية: ويقال لهم أيضا الجواليقية أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، وهم في الإمامة كالحكمية وفي الاعتقاد مختلفون، فالحكمية يقولون ان الله عز وجل جسم طويل عريض عميق متساوي الأبعاد غير مصور بالصور المتعارفة، وهم يقولون جسم مصور بصورة الإنسان تعالى الله عما يصفون علوا كبيرا، وقد ظهرت سنة مائة وثلاثة عشر.
الخامسة الشيطانية: ويقال لها النعمانية أيضا اصحاب محمد بن نعمان الصيرفي الملقب بشيطان الطاق، وهم يقولون بالإمامة على الترتيب المشهور إلى موسى الكاظم، وبالتجسيم كالسالمية، وقد ظهرت سنة مائة وثلاثة عشر أيضا.
السادسة الزرارية: أصحاب زرارة بن أعين الكوفي، وهم في الإمامة كالحكمية، وخالفوهم في زعمهم ان صفاته سبحانه حادثة، لم تكن في الأزل، وقد ظهرت سنة مائة وخمس وأربعين.
السابعة والثامنة والتاسعة اليونسية: أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي، والبدائية والمفوضة، وكلهم متفقون على إمامة الأئمة الستة بالترتيب المشهور، وزعمت اليونسية منهم ان الله سبحانه على العرش بالمعنى المعروف تحمله الملائكة، والبدائية ان الله سبحانه قد يريد بعض الأشياء، ثم يبدو له ويندم لكونه خلاف المصلحة، وحملت خلافة الثلاثة ومدحهم في الآيات على ذلك.
والمفوضة: منهم من يزعم ان الله تعالى فوض خلق الدنيا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، ومنهم من يقول إلى علي كرم الله تعالى وجهه، ومنهم من يقول إلى كليهما، وقد ظهرت الأخيرتان سنة ظهور الزرارية.
العاشرة الباقرية: ويقولون ان الإمام محمد الباقر لم يمت وهو الإمام المنتظر.
الحادية عشر الحاصرية: يقولون ان الإمام بعد الباقر ابنه زكريا، وهو مختف في جبل الحاصر لا يخرج حتى يؤذن له.
الثانية عشر الناؤسية: أصحاب عبد الله بن ناؤس البصري، يقولون إن الإمام جعفر الصادق حي غائب، وهو المهدي المنتظر.
الثالثة عشر العمارية: أصحاب عمار، يقولون إن الصادق قد مات والإمام بعده ابنه محمد، وقد ظهرت سنة مائة وخمس وأربعين.
الرابعة عشر المباركية: من الإسماعيلية أصحاب المبارك، يعتقدون ان الإمام بعد جعفر ابنه الأكبر إسماعيل ثم ابنه محمد، وهو خاتم الأئمة، والمهدي المنتظر.
الخامسة عشر الباطنية: منهم يرسلون الإمامة بعد إسماعيل بن جعفر في أولاده بنص السابق على اللاحق، ويزعمون وجوب العمل بباطن الكتاب دون ظاهره.
السادسة عشر القرامطة: منهم، وهم أصحاب قرمط، وهو المبارك في قول، وقال بعض العلماء هو اسم رجل آخر من أهل سواد الكوفة، اخترع ما عليه القرامطة، وقيل هو اسم أبيه، وأما المخترع نفسه فاسمه حمدان، وكان ظهوره سنة سبعين ومائتين، وقيل ان قرمط اسم لقرية من قرى واسط منها حمدان المخترع فهو قرمطي واتباعه قرامطة، وكان ظهوره فيها، وقيل غير ذلك، ومذهبهم ان إسماعيل بن جعفر خاتم الأئمة وهو حي لا يموت، ويقولون بإباحة المحرمات.
السابعة عشر الشمطية: أصحاب يحيى ابن أبي الشمط، يزعمون أن الإمامة تعلقت بعد الصادق بكل من أبنائه الخمسة بهذا الترتيب: إسماعيل ثم محمد ثم موسى الكاظم ثم عبد الله الأفطح، ثم إسحاق.
الثامنة عشر الميمونية: أصحاب عبد الله بن ميمون القداح الأهوازي، وهم قائلون بإمامة إسماعيل ويزعمون أن العمل بظواهر الكتاب والسنة حرام ويجحدون الميعاد.
التاسعة عشر الخلفية: أصحاب خلف، وهم القائلون بإمامة إسماعيل ونفي المعاد كالميمونية، إلا انهم يقولون كل ما في الكتاب والسنة من الصلاة والزكاة ونحوهما محمول على المعنى اللغوي لا غير.
العشرون البرقعية: أصحاب محمد بن علي البرقعي، وهم في الإمامة كمن سمعت آنفا، وينكرون أيضا المعاد، ويؤلون النصوص بما تهوى أنفسهم، وينكرون نبوة بعض الأنبياء، ويوجبون لعنهم والعياذ بالله تعالى.
الحادية والعشرون الجنابيّة: اتباع أبي الطاهر الجنابيّ، وهم كالقرامطة في الإمامة، وينكرون المعاد والأحكام بأسرها، ويوجبون قتل من يعمل بها، ولذا قتلوا الحجاج وقلعوا الحجر الأسود، وعدهم غير واحد فرقة من القرامطية كما انهم عدوا القرامطة فرقة من الإسماعيلية.
الثانية والعشرون السبعية: وهم من الإسماعيلية أيضا، يقولون ان الأنبياء الناطقين بالشرائع سبعة آدم وأولوا العزم الخمس والمهدي، وان بين كل رسولين سبعة رجال آخرون يقيمون الشريعة السابقة إلى حدوث اللاحقة، وإسماعيل بن جعفر كان أحد هؤلاء السبعة، وهم المقيمون للشريعة بين محمد عليه الصلاة والسلام والمهدي المنتظر الذي هو آخر الرسل بزعمهم، وزعموا انه لا يخلو الزمان عن واحد من أولئك الرجال.
الثالثة والعشرون المهدوية: زعموا ان الإمامة بعد إسماعيل لابنه محمد الوصي ثم لابنه أحمد الوفي، ثم لابنه محمد التقي، وفي بعض الكتب قاسم التقي، ثم لابنه عبيد الله الرضي، ثم لابنه أبي القاسم عبد الله، ثم لابنه محمد الذي لقب نفسه بالمهدي، وقد صار واليا بالمغرب، واستولى على بلاد أفريقية، وملك مصر وما حولها، ثم لابنه [ محمد ] القائم بأمر الله، ثم لابنه إسماعيل المنصور بقوة الله ثم لابنه معد المعز لدين الله، ثم لابنه المنصور نزار العزيز بالله، ثم لابنه أبي علي الحاكم بأمر الله، ثم لأبي الحسن الظاهر بدين الله، ثم لمعد المستنصر بالله، وذلك بنص الآباء للأبناء بترتيب الولاء.
وهذا الترتيب إلى هنا مجمع عليه عندهم، واختلفوا بعد المستنصر لما انه نص أولا على إمامة أخيه نزار، وثانيا على إمامة ابنه أبي القاسم المستعلي بالله، فبعضهم تمسك بالنص الثاني، وقال انه ناسخ للأول فقال بإمامة المستعلي فسموا بالمهدوية المستعلية، ثم بإمامة ابنه المنصور الآمر بأحكام الله، ثم بإمامة أخي المنصور هذا عبد المجيد الحافظ لدين الله، ثم بإمامة ابنه أبي المنصور محمد الظافر بأمر الله، ثم بإمامة ابنه أبي القاسم الفائز بنصر الله، ثم بإمامة ابنه محمد العاضد لدين الله، وقد خرج على هذا أمراء الشام واستولوا عليه فسجنوه حتى مات، وما بقي بعده أحد من أولاد المهدي داعيا للإمامة.
وبعضهم تمسك بالنص الأول وألغى الثاني، فقال بإمامة نزار، ويقال للقائلين بذلك النزارية، ويقال لهم الصباحية والحميرية نسبة للحسن بن صباح الحميري، حيث قام بالدعوة لطفل سماه الهادي زاعما انه ابن نزار، فهو الإمام عندهم بعد أبيه، ثم ابنه الحسن وزعم هذا انه يجوز للإمام ان يفعل ما شاء، وان يسقط التكاليف الشرعية، وقد قال لأصحابه انه أوحي إلي أن اسقط عنكم التكاليف الشرعية، وأبيح لكم المحرمات بشرط ان لا تنازعوا بينكم، ولا تعصوا إمامكم.
ثم ابنه محمد وكان متخلقا بأخلاق أبيه وكذا ابنه علاء الدين محمد، وأما ابنه جلال الدين حسن ابن محمد بن الحسن فقد كان متصلبا في الإسلام منكرا مذهب آبائه حسن الأخلاق آمرا بالمعروف ناهياعن المنكر، وأما ابنه علاء الدين، فقد صار ملحدا بعد أبيه الحسن، وكذا ابنه ركن الدين.
وقد ظهر في زمن هذا جنكيزخان، فخرب مملكته، وكان إذ ذاك بالري، وتحصن في قلعة ألموت من قلاع طبرستان، ولم يتم له ذلك بل كان آخر أمره من أتباع جنكيز خان، وقد انطلق معه حين عاد إلى وطنه فمات في الطريق.
ثم خرج ابنه الملقب نفسه بجديد الدولة، فلما سمع به ملوك التتار فرقوا جمعه، فاختفى في قرى طبرستان حتى مات، فلم يبق من أولاده أحد مدعيا الإمامة، وهذه الفرقة هي الرابعة والعشرون، وكان ظهور المهدوية الجامعة للفرقتين سنة مائتين وتسع وتسعين.
الخامسة والعشرون الأفطحية: ويقال لها العمائية أيضا لأنهم كانوا أصحاب عبد الله بن عماءة، وهم القائلون بإمامة عبد الله الأفطح، أي عريض الرجلين ابن جعفر الصادق شقيق إسماعيل معتقدين موته ورجعته، إذ لم يترك ولدا حتى ترسل سلسلة الإمامة في نسله.
السادسة والعشرون المفضلية: أصحاب مفضل بن عمرو ويقال لهم القطعية أيضا لأنهم قاطعون بإمامة موسى الكاظم قاطعون بموته.
السابعة والعشرون الممطورية: وهم قائلون بإمامة موسى معتقدون انه حي وانه المهدي الموعود، متمسكين بقول الأمير كرم الله تعالى وجهه سابعهم قائمهم سمي صاحب التوراة، وقيل لهم ممطورية لقول يونس بن عبد الرحمن رئيس القطعية لهم أثناء مناظرة وقعت بينهما: أنتم أهون عندنا من الكلاب الممطورة، أي المبللة بالمطر.
الثامنة والعشرون الموسوية: يقطعون بإمامة موسى ويترددون في حياته وموته، ولذا لا يرسلون سلسلة الإمامة بعده في أولاده.
التاسعة والعشرون الرجعية: وهم قائلون بإمامة موسى أيضا، لكنهم يقولون بموته ورجعته وهذه الفرق الثلاث يقال لها الواقفية أيضا لوقفهم الإمامة على موسى الكاظم وعدم إرسالها في أولاده.
الثلاثون الإسحاقية: يعتقدون بإمامة إسحاق بن جعفر، وكان في العلم والتقوى على جانب عظيم، وقد روى عنه ثقات المحدثين من أهل السنة كسفيان بن عيينة وغيره.
الحادية والثلاثون الأحمدية: يقولون بإمامة أحمد بن موسى الكاظم بعد وفاة أبيه.
الثانية والثلاثون الاثنا عشرية: وهذه هي المتبادرة عند الإطلاق من لفظ الإمامية، وهم قائلون بإمامة علي الرضا بعد أبيه موسى الكاظم، ثم بإمامة ابنه محمد التقي المعروف بالجواد، ثم بإمامة ابنه علي النقي المعروف بالهادي، ثم بإمامة ابنه الحسن العسكري، ثم بإمامة ابنه محمد المهدي معتقدين انه المهدي المنتظر، ولم يختلفوا في ترتيب الإمامة على هذا الوجه.
نعم اختلفوا في وقت غيبة المهدي وعامها وسنّهُ يوم غاب، بل قال بعضهم بموته وانه سيرجع إلى الدنيا إذا عم الجور وفشا والعياذ بالله تعالى [ من ] الحور بعد الكور، وقد ظهرت هذه الفرقة سنة مائتين وخمس وخمسين، وهي قائلة بالبداء، ولذا تراها تنادي بأعلى صوت عند زيارة روضة موسى الكاظم: « أنت الذي بدا الله فيه »، يعنون ما كان بزعمهم من نصب أخيه إسماعيل إماما بعد أبيه، وموته من قبل أن ينال الإمامة ونصب أبيه إياه إماما، وكأنهم تبعوا في ذلك البدائية أو أنهم قالوا بالبداء بمعنى وقالت البدائية بمعنى آخر.
د. عقائد الشيعة الغلاة
وفي هذه العجالة أريد أن أحيطكم علما وباختصار بعقائد الشيعة الغلاة وخطورتها على الإسلام والمسلمين حتى لا ننخدع فيهم. وهؤلاء الغلاة هم الذين يشكلون النسبة الكبيرة من بين الشيعة في العالم الإسلامي وينتشرون في العراق والكويت واليمن وسلطنة عمان والبحرين وخاصة إيران وغيرها من بلاد المسلمين.
• يعتقد الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الدين وأن من أنكرها من المسلمين فهو كافر، أن من لا يؤمن بولاية الأئمة الإثنى عشر أو أنكر واحدا منهم فهو كافر، وأول أئمتهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وآخرهم القائم.
• يعتقد الشيعة أن الإمامة لطف عام وأن النبوة لطف خاص، وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص.
• يعتقد الشيعة أن الكافر والمشرك في الآخرة هو الذي لم يكن إثني عشري أي لم يكن يؤمن بولاية الأئمة الإثنى عشر.
• يعتقد الشيعة أن أهل السنة والجماعة أعداء لهم ولآل البيت ويسمونهم الناصبة أو النواصب، وأنهم أشد عليهم من اليهود والنصارى والمجوس وحتى من إبليس، وأول أعدائهم من هؤلاء: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم ثم الزبير بن العوام وحسان بن ثابت وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، ومن التابعين وتابعيهم سعيد بن المسيب والإمام مالك والبخاري والزهري وابن تيمية وابن كثير وابن الجوزي والذهبي وغيرهم كثير.
• يعتقد الشيعة بحلية دماء وأموال أهل السنة ويعتبرونهم نجسين.
• يعتقد الشيعة ارتداد السني عن الإسلام إلى النصرانية مثلا أهون عندهم من أن يبقى سنيا، وأن السني (الناصبي) أشد كفرا من النصراني واليهودي، كما يجوز عندهم التحالف مع أي كان من أجل محاربة أهل السنة والقضاء عليهم.
• يعتقد الشيعة بجواز الصدقة على الذمي والأجنبي والمخالف وعدم جوازها على السني أو الناصب.
• يعتقد الشيعة أن كل راية ترفع قبل قيام القائم (الإمام الثاني عشر) فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل، وهذا يعني أنهم يعتقدون حرمة الجهاد قبل ظهور المهدي والدليل على ذلك أن التاريخ لم يسجل للشيعة الغلاة جهادا ضد الكفار على إثر الأحداث والحروب التي خاضها المسلمون بل تجدهم يقفون موقف المتفرج لا غير.
• يعتقد الشيعة أن الشهداء لا يكونون إلا منهم ولو ماتوا على فرشهم.
• يعتقد الشيعة الخيار بين صلاة الظهر والجمعة، ذلك أن من شرط إقامة الجمعة حضور الإمام المهدي، ولذلك فهم لا يوجبونها على أحد، والمسلمون مخيرون بين الإتيان بها أو بصلاة الظهر مكانها.
• يعتقد الشيعة أن أرض كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنه أطهر بقعة على وجه الأرض وأنها أفضل من مكة، وأن المشهد الحسيني أفضل من الكعبة، وأن السجود على التربة الحسينية (أي تربة كربلاء) أفضل من السجود على أرض الحرم، ولهذا تراهم يسجدون على الحجر إذا كانوا في الحرم أو غيره أو على حائل مهما كان.
• يعتقد الشيعة أن أرض كربلاء أقدس بقعة في الإسلام وأنها أرض الله الخاضعة والمتواضعة وأرض الله التي في تربتها الشفاء.
• يعتقد الشيعة أن زيارة الحسين تعدل عمرة وحجة، وأن زيارة الحسين والأئمة تعدل زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يعتقدون أعظم وأشنع من ذلك عندما يعتبرون أن من زار الحسين كمن زار الله في عرشه.
• يعتقد الشيعة الغلاة وعلى رأسهم الفرقة النصيرية نسبة إلى محمد بن نصير بألوهية علي كرم الله وجهه، ويقولون بأن محمد (ص) متصل بعلي ليلا منفصل عنه نهارا، ويعتبرون سب الصحابة خاصة أبا بكر وعمر وعائشة من الفروض الدينية لأنهم بزعمهم هم الذين اغتصبوا حق العلويين في الخلافة.
وبعد، فهذا قليل من كثير من عقائد الشيعة الغلاة أقدمه لإخواني حتى لا يغرر بهم وليعلموا أن المسلمين لا يهددهم خطر الصهاينة والصليبيين فحسب وإنما هناك خطر أعظم من ذلك هو خطر الشيعة الغلاة الذين يتسترون باسم الدين والإسلام وهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية، وهم كما ترون من أشد أهل البدع والضلالات، والكلام فيهم أحب للعالم من بعض النوافل كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن نفسه، ولو شئت لأتيت على كل معتقد من هذه المعتقدات الفاسدة بأدلة صريحة من كتب التاريخ ومن كتبهم ومقالاتهم في القديم والحديث ، ولكن آليت على نفسي أن يكون هذا المقال موجزا أسأل الله تعالى أن ينفع به وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
Lanjuuut..
فصل في القضاء
فصل في القضاء
في العناية الأزلية وبيان دخول الشر في القضاء
قال: العناية هي كون الأول عالما لذاته بما عليه الوجود من نظام و علة لذاته للخير والكمال بحسب الأمكان وراضيا به على النحو المذكور يعقل نضام الخير على الوجه الأبلغ في الأمكان، فيفيض منه ما بعقله نضاما و خيرا على الوجه الأبلغ الذي يعقله فيضانا على أتم تأدية إلى النظام بحسب الأمكان فهذا عو معنى العناية.
والخير يدخل في القضاء الإلاهي دخولا بالذات لا بالعرض، والشر بالعسكر منه وهو على وجوه. فيقال شر لمثل الألم والغم، ويقال شر لمثل الشرك والظلم والرياء. وبالجملة الشر بالذات هو العدم. ولا كل عدم، بل عدم مقتض طباع الشيء من الكمالات الثانية لنوعه وطبيعته، والشر عرض هو المعدوم والحابس للكمال عن مشتحقة، والشر بالذات ليس بأمر حاصل إلا أن يخبر عن لفظه. ولو كان له حصول ما لكان الشر عام وهذا الشر يقاله الوجود على كماله الأقص بأن يكون بالفعل. وليس منه ما بالقوة أصلا فلا يلحقه شر، وأما الشر بالعرض فله وجودها. وإنما يلحق ما في طباعه أمر ما بقوة. وذلك لأجل المادة، فيلحقها لأمر يعوض لها في نفسها.
وأول وجودها: هيئة من الهيئات المانعة لإسعدادها الخاص للكمال الذي توجهت إليه فتجعلها أرداء مزاجا واعص جواهر لقبول التحطيط والتسكيل والتقويم. فتشهوت الخلقة وانتقضت البنية. لا لأن الفاعل قد حرم، بل فأن المنفعل لم يقبل. أما الأسرار الطارئ من خارج فاحد شيئين: إما مانع للكمال، وإما مضاد ما حق للكمال. مثال الأول. وقوع سحب كثيرة وتراككما، وإظلال جبال شاهقة تمنع تأثير الشمس في الثمار على الكمال، ومثال الثاني حبس البرد للنبات المصيب لكماله في وقته حتى يفسد الاستعداد الخاص. ويقال شر لمبادها من الأخلاق مثال الأول: الظلم والرياء. ومثال الثاني: الحقد والحسد. وقال شر للألام والغموم ويقال الشر: لنقصان كل شيء عن كماله. والظابط فكله إما عدم وجود. وإما عدم كمال, فنقول: الأمور إذا توهمت موجودوه. فأما تمتنع أن تكون إلا أخيرا على الإطلاق أو على الإطلاق. أو خيرا من وجه أو شر من وجه.
وهذا القسم أما أن يتساوى فيه الخير والشر، أو الغالب فيه أحدهما. أما الخير المطلق الذي لا شر فيه قعد وجد في الطباع والخلقة وأما الشر المطلق الذي لا خير فيه أو الغالب فيه أو المساوى فلا وجود له أصلا. فبقي ما لغالب في وجوده الخير وليس يخلق عن الشر، والأخرى به أن يوجد، فإن لا كونه أعظم شرا من كونه. فواجب أن يفيض وجوده من حيث يفيض منه الوجود. لأن لا-لئلا يفوت الخير الكلي لوجود الشر الجزئي، وأيضا خلو امتنع، وجود ذلك القدر من الشر امتنع وجود أسبابه التي تؤدي إلى الشر بالعرض، وكان فيه أعظم خلل في نظام الخير الكلي، بل وإن لم نلتفت إلى ذلك وصيرنا االتفاتنا إلى مكان الوجود والمبراء من الشر من كل وجه قد حصل. وبقي نمط من الوجود إنما يكون على سبيل أن لا يوجد إلا ويتبعه ضرر وشر، مثل الفار فإن الكون إنما يتم بأن يكون فيه نار. ولن يتصور حصولها إلا على وجه تحرق وتسخن ولم يكن بد من المصادمات الحدثة أن مصارف النار ثوب فقير ناسك فيتحرك. والأمر الدائم والأكثر حصول الخير من النار. فأما الدائم فلانا أنواعا كثيرة لا تستحفظ على الدوام إلا بوجود النار. وأما الأكثر فلان أكثر الأشخاص والأنواع في كنف السلامة من الاحتراق, فما كان حسن إن تترك المنافع الأكثرية والدائمة لأعراض شربه أفليه عفار بدت الخيرات الكائنة عن مثل هذه الأشياء. إرادة أولية على الوجه الذي يثلخ أن يقال : إن الله تعالى يريد الأشياء. ويريد الشر أيضا على الوجه الذي بالعرض والخير مختص بالذات والشر مقبض بالعرض. وكل بقدر.
والحاصل أن الكل إنما رتبت فيه القوي الفعالة والمنفعلة: السماوية والأرضية. الطبيعية والنفسانية. بحيث يؤدي إلى النظام الكلي مع استحالة أن تكون هي على ما هي عليه ولا تؤدي إلى شرور فيلزم في أحوال العالم بعضنا بالقياس إلى يعض أن محدث في نفس. صورة اعتقاد ردي أو كفر أو شر أخر، وحدث في بدن صورة قبيحة مشومة. لو لم يكن كذالك لم يكن النظام الكلي يثبت علم يعبأ ولم يلتفت إلى اللوازم الفائدة التي تعرض بالضرورة وقيل خلقت هؤلاء للجنة ولا أباليء و خلقت هؤلاء اللناري ولا أبالي وكل مسير لما خلق له.
القدر
ويظهر أن المسألة التي كانت أحيانا نثير بعض المناقشة مسألة القدر، وهي المسألة التي شغلت أصحاب الديانات القديمة، وقد تكلم بالقدر المشركون وألقوا عن أنفسهم مسؤولية الشركة والقدر وقد قال- سبحانه وتعالى- عنهم (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا نحن ولا أباءنا ولا حرمنا من شيء كذالك الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا أن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تحرصون)
127. ويقول الألوسي في تفسير هذه الأية ولم يريدوا بهذا الكلام الاعتداد عن ارتكاب القبيح إذ لم يعتقدوه، قبح الله أفعالهم وهي افعي لهم. بل هم كما نطقت الأية يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وإنهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى. وإن التحريم إنما كان من عند الله عز وحمل. ومرادهم بذلك الاحتجاج على أن ساء ارتكبون حق و مشروع ورضي الله عنه بناء على أن المسيئة والإرادة تساوى الأمر، وتستلزم الرضا. فيكون حاصل كلامهم أن ما ارتكبوه من الشرك والتحريم وغيرهما ما. و ترى من هذا إن أولئك المشركون إنما يثيرون مسألة القدر ويحتجون بها على النبي صلى الله عليه وسلم.
128. وقد كان يظهر في عصر النبي صلى الله عليه وسلم مثارات أخرى غير القدر يثيرها من تأثير بتعاليم قديمه. قال الشهرستاني في الملل والنحل (واعتبر حال ظائفة جادلوا في ذات الله تعالى تفكر في حلاله وتصرفا في أفعاله حتى منعهم وتوفهم قوله تعالى: ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال.)
و مهما يكن في أمر هذه المسائل التي تثار، فأقوى مسألة كانت هي مسألة القدر و قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحوض فيه مع وجوب الإيمان به. فقد ورد في الحديث سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام قال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره) و الإقرار بالقدر نوع من الإذغان لله والإقرار باسطة علمه بكل شيء. وتقديره في الأزل كل ما هو كائن على مقتص حكمة الله تعالى. ولذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإيمان به ولكنه نهى عن الخوض فيه لأن الخوض فيه مضلة للإفهام ومزلة الأقدام. وحيرة للعقول في مضطرب من المذاهب والأراء وذلك يدفع إلى الفرقة و الانقسام. وقأن إثارة الجدل فيه إثارة في أمر ليس في سلطان المجادل الإقناع فيه، وليس بيد عن الإدلة العقلية ما يحسم به الخلاق ويقطع في الموضوع.
129. ولما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى واختلط المسلمون بغيرهم من الأمم وأصحاب الديانات القديمة وفيهم من يتكلم في القدر ومن يثبته ومن ينفيه ابتدأت المناقشة فيه تأخذ مشكلا لا ينفت مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الخوض فيه. ويروي في ذلك أن عمر بن الخطاب إني بسارق. فقال لم سرقت؟ فقال: قضى الله علي، فأقام عليه الحد، ثم ضربه أسواطا، فقيل له في ذلك، فقال أمير المؤمنين: القطع للسرقة والجلد لما كذب على الله تعالى: وزعم بعض الناس أن الإيمان بالقدر ينافي الحذر فقيل لعمر عندما امنتع عن دخول مدينة فيها طاعون: افرارا من قدر الله؟ فقال الفاروق عمر: (نفر من قدر الله إلى قدر الله) وهو يشير بهذا إلى أن قدرا لله تعالى محيط بالإنسان في كل الأحوال وإنه لا يمنع الأخذ بالأسباب. وإن ذان الأسباب مقدورة، فيجيب علينا الأخذ بها والسير في طريقها أمامه للتكليف وتحملا لسبعان الأشياء.
وزعم بعض الذين استركوا في قتل الإمام الشهيد عثمان-رضي الله عنه انهم ما قتلوه إنما قتله الله وحين حصبوه قال له بعضهم الله هو الذي يرميك فقال عثمان كذبتم، لو رماني الله ما أخطأني).
وما كانت هذه الظنون إلا بعض ما زرعه أهل الأخرى في نفوس المسلمين.
130. إذا أثيرت مسألة القدر ثارت حولها حجابه، فقد اضطربت فيها العقول ووجدت فيها ميدانا للمناقشة والجدل، واتجه الناس فيه إتجاهات فالسفينة أشبعوبها ما عندهم من تهمة عقلية. ولكنهم أوقعوا الناس في حيرة وضطراب فكرى و نفس، ووجد بعض الذين ليس للذين حريمة في نفوسهم في القدر عتفارا من مقابحهم وتبريزا لمفاسدهم، فساروا فيما يشبه الإباحية واسقاط التكليف كما فعل المشركون وبعض المجوس قبل الإسلام.
وكان الكلام في القدر يشتد كلما اتسع نطاق الفتن، ولذا كان الكلام فيه في عهد على أشر واحد. جاء في نهج البلاغة وشرحه لابن أبي الجاحد ما نصه قام شيخ إلى علي عليه السلام. فقال أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره فقال الإمام: والذي خلق الحية وبرأ اسمه ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا إلا فقضاء الله وقدره. فقال الشيخ فعند الله أحتسب عنايا، ما أرى لي من الأجر شيئا. فقال الإمام: مه أيها الشيخ. لقد عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم سائرون. وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من أحوالكم مكرهين ولا مضطرين فقال الشيخ: وكيف والقضاء والقدر ساقانا؟ فقال الإمام ويحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدر حتما. ولو كان كذالك لبطل الشراب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي. ولم تأت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ولا المسيء أولى بالذم من المحسن تلك مقالة عباد الأوثان وجنود الشيطان، وشهود الزور. أهل العمى عن الصواب. وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها. إن الله أمر تخييرا ونهى تحذيرا، وكلف تيسيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع كارها، ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبشا، ولم يخلق السموات والأرض وما بيهما باصلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فقال الشيح فما القضاء والقدر اللذان مياسرنا إلا بهما؟ فقال الإمام: (هو الأمر من الله تعالى) والحكم ثم تلا قوله سبحانه (فقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) فنهض الشيخ مروراز
هذا ما نقله (ابن أبي الحديد) (الشريف الرضا) عن علي رضي الله عنه ولئن صحت الرواية لنكونن دليلا على شيوع القالة في القدر في عصر على رضي الله عنه شيوعا حاول به الإمام أن نمنع الحوض فيه بطريقة إعاذة الأمر منها إلى النصص الظاهرة.
مرتكب الكبائر
131. وقد وجد في عهد علي كرم الله وجهه الجدل في مسألة الأخرى غير مسألة القدر وهي مسألة (مرتكب الكبيرة) فإن الجدل في هذه المسألة أثارة (الخوارج) بعد التحكيم إذ حكموا بكفر من رضي بالتحكيم، باعتبار كبيرة في نظرهم. وكفروا عليا. رضي الله عنه كما كفروا من معه وقد جرى هذا إلى المناقشة في شاذ مرتكب الكبيرة أهو مؤمن أو غير مؤمن؟ أهو يخلد في النار يوم القيامة أم يرجى له الفقراء وأن رحمة الله (وسعت كل شيء) وأخذ الجدل منها ينمو ويزيد حتى اختلف العلماء في ذلك اختلافا كبيرا. ويعد بعض العلماء هذه المسألة رأس سائل المعتزلة التي عنوبها حتى كانت السبب في تسميتهم المعتزلة.
Lanjuuut..
اللعان بين الزوجين
اللعان بين الزوجين
قال تعالى :
والذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهدة أحدهم أربع شهدات بالله إنه لمن الصادقين (6) والخمسة أن لعنت الله عليه أن كان من الكذبين (7) و يدرؤا عنها العذاب أن تشهد اربع شهدات بالله إنه لمن الكاذبين (8) و الخمسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (9) و لو لا فضل الله عليكم و رحمته و إن الله تواب حكيم (10).
المعنى الإجمالي:
يخبر الوالي صل و علا أن من قذف زوحته بالفاخشة و أتهمها بالزنى و لم يكن لديه بينة تقبت صدقة فيما ادعى و شهود يشهدون على صحة ما قال فالواجب عليه أن يشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، تقوم مقام الشهداء الأربعة ليدفع عنه (حد القذف) و عليه أيضا أن يحلف في المرءة الخامسة بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين في رميه لها بالزنى.
و أما المرءة المقذوفة إذ لم تعترف بالذنب، وأرادت التخلص من إقامة (حد الزنى) فعليها أن تحلف أربعة إيمان بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنى تقوم مقام الشهداء الأربعة في إثبات عفتها و في المرءة الحخامسة عليها أن تحلف بغضب الله و سخطه عليها إن كان زوجها صادقا في إتهامها بالزنى، ثم بين الباري جل و عللا أن هذا التشريع الذي شرعه لعباده وهو تشريع (اللعان بين الزوجين) إنما هو من رحمته بالناس و لطفه بالمذنبين من عباده ولو لا ذلك لهتك الشر عنهم ففضحهم و عجل لهم العقوبة في الدنيا و عذبهم في الأخرة، و لكنه سبحانه رحيم ودود، غفار للذنوب، يقبل توبة العبد إذا أناب (وإني الغفار فمن تاب و أمن و عمل صالحا ثم اهتدى).
• الأحكام الشرعية
الحكم الأول: متى يجب اللعان؟
إذا رمى الرجل إمرأته بالزنى و لم تعرف بذلك ولم يرجع عن رميه فقد شرع لهما اللعان و يجب اللعان في حاليتن:
أ. الحالة الأولى : إذا رضي إمرأته بالزنى كأن يقول لها : زينت أو رأيتك تزينت و لمن عنده أربعة شهود يشهدون بما رماها به، وإذ قال : يا زانية، فالجمهور أنه يلاعن خلافا لمالك.
ب. الحالة الثانية : أن ينفي حملها منه فيقول : هذا الحمل ليس مني أو ينفي ولد له منها.
الحكم الثاني: هل يجوز اللعان من الكافر و العبد و المحدود في القذف؟
و بناء على اختلاف الفقهاء (اللعان) هل هو شهادة أم لمن ترتب عليه اختلافهم فيمن يجوز لعانه، فشرط الأحناف في الزوج الذي يصح لعانه: أن يكون أهلا لأداء الشهادة على المسلم وكذالك الزوجة أن تكون أهلا لأداء الشهادة على المسلم (فلا لعان بين رقيقين، و لا بين كافرين، و لا بين المختلفين دينا، و لا بين محدودين في قذف) و استدلوا على مذهبهم بما ورد عنه صلعم أنه قال: (أربعة ليس بينهم لعان: ليس بين الحر و الأمة لعان، و ليس بين الحر و الأمة لعان، و ليس بين الحرة و العبد لعان، وليس بين المسلم و اليهودية لعان، وليس بين المسلم و النصرانية لعان).
و احتجوا بأن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله: (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) وجب ألا يلاعن إلا من تجوز شهادته فلا يصح اللعان إلا من (زوجين، حرين، مسلمين).
الحكم الثالث: هل يجوز اللعان بدون حضور الحاكم؟
اتفق الفقهاء على أن اللعان لا يجوز إلا بحضرة الحاكم و من ينسبه الحاكم لأنه إذا نكل أحدهما أو ثبت عليه الأمر وجب الحد, و إقامة الحد من خصائص الحكام، و ينبغي أن يغض الإمام الزوجين و يذكرهما بعذاب ويقول لكل واحد نهما: عذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرة و يخونهما بمثل قوله ص.م: (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس مهنهم فليست من الله في شيء و لن يدخلها الله الجنة. و أما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه و فضحه على رؤوس الاولين و الأخرين).
الحكم الرابع: كيفية اللعان و طريقته
وضحت الأيات الكريمة طريقة اللعان و كيقيته بشكل جلي واضح وهي : أن يبدأ الزوج فيقول أربع مرات الصيغة التالية: (أشهد بالله إلى الصادق فيما رماها من الزنى).... ثم ثم في المرة الخامسة بقولها: (غضب الله عليه أن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى)
الحكم الخامس: هل أية اللعان ناسخة لأنه القذف؟
إن الروايات التي ذكرت في سبب النزول متفقة كلها على ثلاثة أمور.
أولها: أن الأيات اللعان نزلت بعد أية قذف المحصنات مع تراخ في الزمن، وأنها منفصلة عنها.
ثانيها: أن الصحابة كانوا يغصون من أية القذف أن حكم من رمى زوجه كحكم من رمى الأجنبية.
ثالثها: أن أية (اللعان) نزلت تخفيفا على الزوج و بيانا للمخرج مما وقع فيه من القذف.
الحكم السادس: هل يلحق ولد بأمه؟
إذا نفي الرجل ابنه و تم اللعان بنفيه له انتفي نسبع من أبيه و سقطت عنه)، وانتفى التوارث بينهما و لحق بأمه فهي ترثه وهو يرثها لحديث عمرو بن سعيب: (و قضى رسول الله ص.م. في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه و ترثه أمه، من رماها به جلد ثمانين ويؤيد هذا الحديث الأدلة الدالة على أن الولد للفرش و لا فرش هذا النفي الزوج إياه وأما من رماها به اعتبر قادفا و جلد قثمانين جلدة لأن (الملاعنة) داخلة في الحصنات و لم يثبت عليها ما ثخالف ذلك فيجب على من رماها بابنها حد القذف و من قذف و لدها يجب جده لمن قذف امه.
Lanjuuut..
المضاربة
المضاربة
تعريفها :
المضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر للتجارة, يقول الله سبحانه :
وتسمى قراضا وهو مشتق من القرض وهو القطع لأن المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه.
وتسمى أيضا : معاملة. والمقصود بها هنا : عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقدا إلى الآخر ليتجر فيه, على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه.
حكمحها :
وهي جائزة بالإجماع.
وقد ضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة, رضي الله عنها بمالها وسنافر به إلى الشام قبل أن يبعث, وقد كان معمولا بها في الجاهلية, ولما جاء الإسلام أقرها.
قال الحافظ بن حجر :
والذي قطع به أنها كانت ثابتة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بها وأقرها ولولا ذلك لما جازت البتة...
وروي أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم خرجا في جيش العراق فلما قفلا مرّا على عامل لعمر, وهو أبو موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل, وقال : لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت, ثم قال : بلى, ههنا مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكما فتبتاعان به متاعا من متاع العراق ثم تبيعا له في المدينة وتوفران رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما ربحه, فقالا : ففعل, فكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال, فلما قدما وباعا وربحا, قال عمر : أكلّ الجيش قد أسلف كما أسلفكما ؟ فقالا : لا. فقال عمر : ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما, أديا المال وربحه.
فأما عبد الله فسكت, وأما عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين لوهلك المال ضمناه, فقال : أدياه, فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله, فقال رجل من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين لوجعلته قراضا, فرضي عمر وأخذ رأس المال ونصف ربحه, وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال.
حكمتها :
وقد شرعها الإسلام وأباحهما تيسيرا على الناس.
فقد يكون بعض منهم مالكا للمال, ولكنه غير قادر على استثماره.
وقد يكون هناك من لايملك المال, لكنه يملك القدرة على استثماره.
فأجاز الشارع هذه المعاملة لينتفع كل واحد منهما, فرب المال ينتفع بخبرة المضارب, والمضارب ينتفع بالمال. ويتحقق بهذا تعاون المال والعمل.
والله ما شرع العقود إلا ليتحقق المصالح ودفع الجوائح.
ركنها :
وركنها الإيجاب والقبول الصادران ممن لهما أهلية التعاقد.
ولا يشترط لفظ معين, بل يتم العقد بكل مايؤدي إلى معنى المضاربة, لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
شروطها :
ويشترط في المضاربة الشروط الأتية :
1. أن يكون رأس المال نقدا, فإن كان تبرا أو حليا أو عروضا فإنها لا تصح.
قال ابن المنذر : ( أجمع كل من نحفظ عنه أنه لايجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة) انتهى.
2. أن يكون معلوما, كي يتميز رأس المال الذي يتجر فيه من الربه الذي يوزع بينمها حسب الإتفاق.
3. أن يكون الربه بين العامل وصاحب رأس المال معلوما بالنسبة, كالنصف والثلث والربع, لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل اهل خيبر بشطر ما يخرج منها.
وقال ابن المنذر : ( أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما او كلاهما لنفسه دراهم معلومة)انتهى
وعلة ذلك أنّه لواشترط له ولا يأخذ الآخر شيئا. وهذا مخالف المقضود من عقد المضاربة الذي يراد به نفع كل من المتعاقدين.
4. أن تكون المضاربة مطلقة, فلا يقيد رب المال العامل بالإتجار في بلد معين أو في سلعة معينة, أو يتجر في وقت دون وقت, أولايتعامل إلا مع شخص بعينه, ونحو ذلك من الشروط, لأن اشتراط التقييد كثير ما يفوت المقصود من العقد, وهو الربح. فلابد من عدم اشتراطه, وإلا فسدت المضاربة.
وهذا مذهب مالك و الشافعي.
وأما أبو حنيفة وأحمد فلم يشترطا هذا الشرط وقالا : ( إن المضاربة كما تصح مطلقة فإنها تجوز كذلك مقيدة). وفي حالة التقييد لا يجوز للعامل أن يتجاوز الشرط التي شرطها, فإن تعداها ضمن.
روي عن حكيم بن حزام : أنه كان يشترط على الرجل إذاأعطاه مالا مقارضة يضرب له به : ( أن لا يجعل مالي في كبد رطبة, ولا يحمله في بحر, ولاينزل به بطن مسيل, فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي).
وليس من شروط المضاربة بيان مدتها, فإنها عقد جائز يمكن فسخه في أي وقت.
وليس من شروطها ان تكون بين مسلم ومسلم. بل يصح ان تكون بين مسلم وذمي.
العامل أمين :
ومتى تم عقد المضاربة وقبض الغامل المال كانت يد العامل في المال يد أمانة, فلايضمن إلا بالتعدي. فإذا تلف المال بدون تعد منه فلا شيئ عليه, والقول قوله مع يمينه إذا ادعى ضياع المال أو هلاكه, لأن الأصل عدم الخيانة.
العامل يضارب بمال المضاربة :
وليس للعامل أن يضارب بمال المضاربة ويعتبر ذلك تعديا منه. قال في بداية المجتهد :
( ولم يختلف هؤلاء المشاهير من فقهاء الأنصارأنه أن دفع العامل رأس مال القراض إلى مقارض آخر فإنه ضامن إن كان خسران, وإن كان ربح فذلك على شرطه, ثم يكون للذي عمل شرطه على الذي دفع إليه فيفيه حظه مما بقي من المال)
نفقة العامل :
نفقة العامل في مال المصاربة من ماله ما دام مقيما, وكذلك إذا سافر للمضاربة, لأن النفقة قد تكون قدر الربح فياخذه كله دون رب المال ولأن له نصيبا من الربح مشروطا له فلا يستحق معه شيئا آخر.
لكن إذا أذن رب المال للعامل بأن ينفق على نفسه من مال المضاربة أثناء سفره أو كان ذلك مما جرى به العرف فإنه يجوز له حينئذ أن ينفق من مال المضاربة.
ويرى الإمام مالك أن للعامل أن ينفق من مال المضاربة متى كان المال كثيرا يتسع للإنفاق منه. فسخ المضاربة :
وتنفسخ المضاربة بما يأتي :
1. ان تفقدشرطا من شروط الصحة.
فإذا فقدت شرطا من شروط الصحة وكان العامل قد قبض المال واتجر فيه فإنه يكون له في هذه الحال أجرة مثله لأن تصرفه كان بإذن من رب المال وقام بعمل يستحق عليه الأجرة.
وما كان من ربح فهو للمالك وماكان من خسارة فهي عليه, لأن العامل لايكون إلا أجيرا, والأجير لايضمن إلابالتعدي.
2. أن يتعدى العامل أو يقصر في حفظ المال أو يفعل شيئا يتنافي مع مقصود العقد, فإن المضاربة في هذه الحال تبطل ويضمن المال إذا تلف لأنه هو المتسبب في التلف.
3. أن يموت العامل أو رب المال. فإذا مات أحدهما انفسخت المضاربة.
تصرف العامل بعد موت رب المال :
إذا مات رب المال انفسخت المضاربة بموته, ومتى انفسخت المضاربة فإن العامل لاحق له في التصرف في المال, فإذا تصرف بعد علمه بالموت وبغير أذن الورثة فهو غاصب, وعليه ضمان.
ثم إذا ربح المال فالربح بينهما, قال ابن تيمية :
( وبه حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما أخذ ابناه من بيت المال, فالتجرا فيه بغير استحقاق فجعله مضاربة)انتهى.
وإذا انفسخت المضاربة ورأس المال عروض, فلرب المال وللعامل أنيبيعاه أو يقتسماه لأن ذلك حق لهما.
وإن رضي العامل بالبيع
Lanjuuut..
الحديث الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدالله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذا شروع في النوع الخامس من أنواع الأحاديث، وهو الحديث الموضوع. والحديث الموضوع: هو الحديث المكذوب على النبي - صلى الله عليه وسلم. ويعبر عنه العلماء كثيرا بالحديث الباطل، وبالكذب، ويقولون أيضا في شأنه: لا أصل له. وهذه الكلمة: "لا أصله له" ينبغي أن يُفَرِّق الإنسان بين ورودها، أو إذا وردت في الحديث المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتارة يقولون: هذا الحديث لا أصل له. يعنون أنه كذب باطل مطلقا، وتارة يعنون أنه لا أصل له، أي: أنه لا تصح نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد تصح نسبته إلى أحد الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- كما في حديث عمار: من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه
Lanjuuut..
Download Makalah Pendidikan : "hadis maudhuk" Lengkap
فضيلة القرأن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين على أمور الدنيا والدين. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه أجمعين. أمابعد:
فياأيها الحاضرون رحمكم الله!
قبل إلقاء خطبتي أرجو منكم أن تشكروا الله عز وجل الذي قد أعطانا نعما كثيرة وبها نستطيع أن نجتمع في هذا المكان الفاخر، نصلى ونسلم على سيدنا محمد عبده ورسوله.
إخوتي رحمكم الله!
في هذا المناسبة أقول شكرا كثيرا إلى رئيس الجلسة الذي قد أعطاني وقتا ثمينا لأن أجرب نفسي أن أتكلم أمامكم جميعا تحت العنوان:
فضيلة القرأن
كما عرفنا أن القرأن كتاب مقدس للمسلمين. وقراأته تكون عبادة وهو أنزله الله بواسطة جبريل. هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان أى أن فيه يبين من الشرائع والأحكام المفرقة بين الحق والباطل والحلال والحرام.
ونحن من المسلمين فوجب علينا أن نقرأه حتى نفهم تعاليم الإسلامية الواسعة ليرشد الناس إلى طريق الله المستقيم.
وكما ذكرت سابقا أن قراءة القرأن أحسن العبادات فإذن إذا نريد أن ننال الأجر الكثير من الله ونكون قريبا منه فلنقرأه. وهذا مطابقا بقول رسول الله ص.م: إن قراءة القرأن من أحسن العبادات وما من مسلم يقرأ القرأن إلا ويضاعف له أجره ويكون قريبا إلى الله.
بجانب ذلك أن قراءة القرأن فضيلة كثيرة كما روي النبي ص.م في حديثه عن فضائل قراءة السور القصيرة من سورة الإخلاص أن من قرأها يضاعف الله أجرها. وهذبا مطابقا بقول النبي ص.م: أنه قال"من قرأ سورة الإخلاص مرة فكأنما قرأن ثلث القرأن من قرأ ثلاث مرات فكأنما قرأ القرأن كله".
إخواني المحترمون!
وقد حث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كل مسلم كل مسلم على التعوذ في قراءة القرأن والتمسك بتعاليمه في كل وقت وحين كما قال عليه الصلاة والسلام: القرأن مأدبة الله فخذ مأدبته ماستطعت.
القرأن لا يدون مرتبا على الأبواب والفصول كما أنه أنزل بأسلوب مختصر ولكنه يشمل فيه المعاني الكثيرة. ولذلك يجب على كل مسلم أن يتأمله ويترجمه ويحقق تعاليمه لحياته اليومية كشخص منفرد أو كعضو في المجتمع الإسلامي.
أيها الإخوان رحمكم الله!
قبل اختتام خطبتي أرجو من جميع المسلمين أن يتمسكوا بروح القرأن ويجعلوا له طريقا لحياتهم اليومية. هذا هي الخطبة التي ألقاكم لهذا اليوم إن وجدتم مني الخطئات والغلطات أطلب منكم العفو. وأخيرا بالله التوفيق والهداية.
Lanjuuut..
حجاب المرأة المسلمة
حجاب المرأة المسلمة
قال الله تعالى:
((يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساؤ المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهنج ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذينقلى وكان الله غفورا رحيما))
المعنى الإجمالي
يأمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن يوجه النداء إلى الأمة الإسلامية جمعاء، بأن تعمل على التمسك بأدب الإسلام، وإرشاداته الفاضلة، ونظمه الحكيمة التي بها صلاح الفرد وسعادة المجتمع، وخاصة في أمر اجتماعي هام، يتعلق بالأسرة المسلمة، ألا وهو (الحجاب الشرعي) الذي فرضه الله على المرأة المسلمة، ليصون لها كرامتها، ويحفظ عليها عفافها، ويحميها من النظرات الجارحة، والكلمات اللاذعة، والنفوس المريضة، والنوايا الخبيثة، التي يمكنها الفس اق من الرجال لنساء غير المحتشات، فيقول الله تعالى ما معناه: (( ياأيها النبي بلغ أوامر الله إلى عبادة المؤمنين، وإبداء بنفسك فمر زوجاتك أمهات المؤمنين الطاهرات، وبناتك الفضليات الكريمات أن يرتدين الجلباب الشرعي، وأن يحتجبن عن أنظار الرجال، ليكن قدوة لسائر الناس، في التعفيف ، والستر والاحتشام، حتى لا يطمع فيهن فاسق، أو ينال من كرامتهن فاجر، وأمر سائر نساء المؤمنين أن يلبسن الجلباب السابغ، الذي يستر محاسهن وزينتهن، ويدفع عنهن السنة السوء، وأمرهن كذلك أن يغطين وجوههن وأجسامهن بجلابيهن، ليميزن عن الإماء والفتيان، فلا يكن هدفا للمغرضين، وليكن بعيدات عن التشبه بالفواجر فلا يتعرض لهن إنسان بسوء، فذلك أقرب إلى أن يعرفن بالعفة والتصون، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، (وكان الله غفورا رحيما) يغفر لمن امتثل أمره، رحيما بعباده حيث لا يشرع لهم إلا ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والأخرة )).
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل يجب الحجاب على جميع النساء؟
يدل ظاهر الأية الكريمة على أن الحجاب مفروض على جميع المؤمنات (المكلفات شرعا) وهن: (المسلمات، الجرائر، البالغات) لقوله تعالى: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساؤ المؤمنين)
فلا يجب الحجاب على الكافرة لأنها لا تكلف بفروع الإسلام، وقد أمرنا أن نتركهم وما يدنون، ولأن (الحجاب) عبادة لما فيه من امتثال أمر الله عز وجل، فهو بالنسبة للمسلمة كفريضة الصلاة والصيام. فإذا تركته المسلمة جحودا فهي (كافرة) مرتدة عن الإسلام، وإذا تركته، تقليد للمجتمع الفاسد – مع اعتقادها بفريضة فهي (عاصية) مخالفة لتعاليم القرأن: ((ولا تبرجت تبرج الجاهلية الأولى)).
الحكم الثاني : ما هي كيفية الحجاب؟
أمر الله المؤمنات بالحجاب وارتداء الجلباب صانية لهن وحفظا، وقد اختلف أهل التأويل في كيفية هذا الستر على أقوال:
(أ) فأخرج ابن جرير الطبري عن ابن سيرين أنه قال: (( سألت عبيدة السلماني عن هذه الأية: "يدنين عليهن من جلابيبهن" فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها، وغطى رأسة كله حتى بلغ الحاجبين، وغط وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر )).
(ب) وروى ابن جرير وأبو حيان عن ابن عباس رضي ا لله عنهما أنه قال: ((تلوي الجلباب فوق الجبين، ونشده ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عينها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه )).
(ج) وروى عن السدى في كيفيته أنه قال: (( تغطي إحدى عينيها وجبهتها، والشق الأخر إلا العين )) قال أبو حيان (( وكذا عادة الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة )).
(د) وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة رضي الله عنها أ نها قالت: (( لما نزلت هذه الأية: "يدنين عليهن من جلابيبهن" خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها )).
الحكم الثالث: هل يجب على المرأة ستر وجهها؟
تقدم معنا في سورة النور أن المرأة منهية عن إبداء زينتها اإلا للمحارم: (( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أباءهن...)) والذين قالوا إن الوجه ليس بعورة اشترطوا إلا يكون عليه شيء من الزينة كالأصباغ والمصاحيف التي توضع عادة للتجمل وبشرط أمن الفتنة، فإذا لم تؤمن الفتنة فيحرم كشفه.
الحكم الرابع: ما هي شروط الحجاب الشرعي؟
يشترط في الحجاب الشرعي بعظ الشروط الضرورية وهي كالأتي:
1. أن يكون الحجاب ما ترا لجميع البدن لقوله تعالى: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )).
2. أن يكون كشيفا غير رقيف، لأن الفرض من الحجاب الستر، فإذا لم يكن ساترا لا يسمى حجاب، لأنه لا يمتنع الرؤية ولا يحجب النظر، وفي حديث عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول صلى الله عليه وسلم...... الحديث.
3. ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار لقوله تعالى: (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) الأية.
4. أن يكون فضفاضا غير ضيق، لا يشق عن البدن، ولا يجسم العورة، لا ينظر أماكن الفتنة في الجسم.
5. ألا يكون الثوب معطر فيه إثارة للرجال لقوله عليه السلام: (( كل عين نظرت زانية، وإن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية )).
6. ألا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال، أو مما يلبسه الرجال.
والله أعلم بالصواب
Lanjuuut..
الأحكام الشرعية
وأحكمها
المعنى الإجمالي
يقول الله تعالى ما معناه : يا أيها المؤمنون يا من صدقتم بالله ورسوله، إذا سمعتم المؤذن، ينادي لصلاة الجمعة ويؤذن لها، فاتركوا أعمالكم وأشغالكم، ودعوا البيع والشراء وامضوا سراعا إلى ذكر الله وعبادته، وإلى أداء صلاة الجمعة مع إخوانكم المسلمين، فإن ذلك خير لكم وأفضل، وأرجى لكم عند الله، وأعود عليكم بالخيرات والبركات، إن كنتم من اهل العلم والفهم السليم، فإذا أديتم الصلاة وفرغتم منها، فانبثوا في الأرض لقضاء مصالحكم، واطلبوا من فضل الله، فإن الرزق بيده، وهو المنعم المتفضل، الذي لا يخيب أمل السائل، ولا يضيع عمل العامل، ولايمنع أحدا من فضله وإحسانه، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون.
ثم أخبر تعالى أن هناك فريقا من الناس يؤثرون الدنيا الفانية، على الأخرة الباقية، فإذا سمعوا بتجارة رابحة، أو صفقة قادمة، أو شيء من لهو الدنيا، وزينتها وبهرجها، تفقرقوا عن رسول الله عليه السلام، وانصرفوا إلى متاع الحياة، وتركوا الرسول قائما يخطب، ولو عقلوا لعلموا أن ما عند الله خير وأبقى، وأن ثوابه خير من اللهو والتجارة، وأن الله – جل وعلا – هو خير الرازقين، يرزق من يشاء بغير حساب، وما عند الله خير للأبرار. وصدق الله حيث يقول: (ما عندكم ينفذ وما عند الله باق، ولنجزين اللذين صبروا أجرهم بأحسن كما كانوا يعملون).
الأحكام الشرعية
الحكم الأول: ما هو الأذان الذي يجب السعي عنده؟
دل قوله تعالى: ( ) على وجوب السعي إلى المسجد، وترك البيع والشراء، وقد اختلف العلماء في الأذان الذي يجب السعي عنده.
1. قال بعض العلماء: المراد به الأذان الأول الذي هو على (المنارة).
2. وقال أخرون: المراد به الأذان الذي بين يدي الخطيب إذا صعد الإمام المنبر.
حجة الفريق الأول:
أ. أن المراد من النداء هو الإعلام، والسعي إنما يجب عند الإعلام، وهو (الأذان الأول) على المنارة، الذي زاده عثمان رضي الله عنه، وذلك حين رأى كثرة الناس، وتباعد مساكنهم عن المسجد، فأمر بالتأذين الأول على دار له بالسوق، يقال لها (الزوراء) وقد ثبت الامر على ذلك من عهده إلى عصرنا هذا.
ب. واستدلوا بما رواه البخاري في صحيحه عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه قال: (كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فلما كان زمن عثمان رضي الله عنه وكثر الناس، زاد النداء الثالث على الزوراء فثبت الأمر على ذلك).
ج. وقالوا: السعي عند الأذان الثاني، وقت صعود الخطيب المنبر، يفوت على الناس سماع الخطبة التي من أجلها خفف الله تعالى الصلاة فجعلها ركعتين، ولم تكن بالمسلمين حاجة إلى هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لقرب مساكنهم من المسجد، ولحرصهم الشديد على أن يجيئوا من أول الوقت محافظة على أخذ الأحكام عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكان النداء الذي بين يدي الخطيب يسمعهم فيحضرون سراعا، ويدركون الخطبة من أولها لقرب المساكن من المسجد.
وهذا القول هو الظاهر المعتمد في مذهب الحنفية، وقد نص عليه صاحب (الكنز) من أئمة فقهاء الحنفية فقال: (ويجب السعي وترك البيع بالأذان الأول لقوله تعالى: يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة) الاية، وإنما اعتبر لحصول الإعلام به، وهذا القول هو الصحيح في المذهب.
وقيل: العبرة للأذان الثاني، الذي يكون بين يدي الخطيب على المنبر، لأنه لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم إلا هو – وهو ضعيف – لأنه لو اعتبر في وجوب السعي لم يتمكن من السنة القبلية، ومن الاستماع، بل ربما يخشى عليه فوات الجمعة.
حجة الفريق الثاني:
أ. الأذان الذي يجب فيه السعي وترك البيع، هو (الأذان الثاني) الذي يكون بين يدي الخطيب، لأنه هو الأذان الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم، وهو عليه السلام أحرص الناس على أن يؤدي المؤمنون الواجب عليهم في وقته، فلو كان السعي واجبا قبل ذلك لبينه لهم، ولجعل الأذان والخطبة زمنا يتسع لحضور الناس.
ب. ما روى عن ابن عمر والحسن في قوله تعالى: ( )قالا: (إذا أخرج الإمام وأذن المؤذن فقد نودي للصلاة).
قالوا: وهو التفسير المأثور فلا عبرة بغيره.
ج. وقالوا أيضا : إن المصلي يندب له أن يجيء مبكرا لفوائد جمة كما دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة، ولكن تحريم البيع والشراء والحكم بالغثم شيء، وإدراك الأمر المندوب شيء أخر.
ثم إن السنة القبلية – على فرض أنها بقيت مطلوبة في الجمعة – فإنه لا يمكننا أن نوجب السعي قبل وقته لتحصيل سنة لم تثبت، فيبقى النداء الذي يحرم عنده البيع هو (النداء الثاني) الذي يكون عند صعود الخطيب المنبر، وهو الذي كان في زمنه عليه السلام.
وهذا المذهب هو رأي جمهور العلماء، وقول عند فقهاء الحنفية، ولعله يكون الأرجح والله تعالى أعلم.
الحكم الثاني : هل يفسخ البيع عند الأذان؟
دل قوله تعالى: (وذروا البيع) على حرمة البيع والشراء وسائر المعاملات عند الأذان. وقد اختلف العلماء في عقد البيع هل هو صحيح أم فاسد؟ فقال بعضهم : إنه فاسد لو ورد النهي (وذروا البيع).
وقال أكثرون : إنه حرام ولكنه غير فاسد وهو يشبه الصلاة في الأرض المغصوبة تصح مع الكراهة.
الحكم الثالث : هل خطبة شرط لصحة الجمعة؟
دل قوله تعالى : (فاسعوا إلى ذكر الله) على أن الخطبة شرط لصحة صلاة الجمعة، لأن ذكر الله سواء قلنا إنه: (الموعظة) أو إنه (الموعظة والصلاة معا) يدخل فيه خطبة الجمعة، فلا بد أن تكون شرطا لصحة الصلاة. ولأن صلاة الجمعة إنما خففت من أجل الخطبة وسماع الموعظة، وعليه تكون الخطبة واجبة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء.
الحكم الرابع : ما هو العدد الذي تنعقد به الجمعة؟
لا خلاف بين الفقهاء أن الجماعة شرط من شروك صحة الجمعة، لقوله عليه السلام: (الجمعة وحق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض).
لأن التسمية تقتضي ذلك، فلا يقال لمن صلى وحده إنه صلى الجمعة. فلا بد من الجماعة، وقد اختلفوا في العدد تنعقد به الجمعة إلى خمسة عشر قولا ذكرها الحافظ في الفتح.
والأية الكريمة لم تنص على عدد معين، وكذلك السنة المطهرة لم يرد فيها نص صريح صحيح على العدد الذي تنعقد به، ولهذا اختلف الفقهاء على أقوال عديدة:
أ. الحنفية قالوا: يكفي أربعة أحدهم الإمام، وقيل : ثلاثة.
ب. الشافعية والحنابلة قالوا: لا بد من جمع غفير أقله أربعون.
ج. المالكية قالوا: لا يشترط عدد معين بل تشترط جماعة تسكن بهم قربة، ويقع بينهم البيع، ولا تنعقد بالثلاثة والأربعة ونحوهم.
قال الحافظ ابن حجر: ولعل هذا المذهب أرجح المذاهب من حيث الدليل.
وهناك أحكام أخرى تطلب من كتب الفروع ضربنا صفحا عنها لأن الأية الكريمة لا تدل عليها والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
ما ترشد إليه الأيات الكريمة
1. الجمعة فريضة على المسلمين المكلفين بالشروط المعروفة
2. وجوب اليعي للاستماع إلى الخطبة وأداء فريضة الجمعة
3. حرمة البيع والشراء وسائر المعاملات عند الأذان
4. جواز الاشتغال بأمور التجارة والمعاش قبل الصلاة وبعدها
5. الرزق بيد الله ومع ذلك ينبغي أن يأخذ الإنسان بأسباب الكسب
6. لا ينبغي للمؤمن أن تشغله تجارة الدنيا عن تجارة الأخرة
المراجع: للإمام الشيخ محمد على الصابوني، روائع البيان تفسير أيات الأحكام من القرأن، الجزء الثاني
Lanjuuut..
ابن كثير
ابن كثير
نسبه وحياته
هو اسماعيل بن خمر القرشي ابن كثير البصري ثم الدمشقي عماد الدين أبو الفداء الحافظ المحدث الشافعي.
ولد سنة 7.5 هــ. خمس وسبعمائة، وتوفي سنة 774 هــ أربع وسبعين وسبعمائة بعد حياة زاخرة بالعلم، فقد كان فقيها متقنا، ومحدثا بارعا، ومؤرخا ماهرا، ومفسرا ضابطا، قال فيه الحافظ ابن حجر ((إنه كان من محدثي الفقهاء)) وقال ((سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها بعد وفاته)).
تصانيفه – ومن تصانيفه : البداية والنهاية في التاريخ، وهو من أهم المراجع للمؤرخين، والكواكب الدراري في التاريخ، انتخبه من البداية والنهاية، وتفسير القرأن، والاجتهاد في طلب الجهاد، وجامع المسانيد، والسنن الهادي لأقوام سنن، والواضح النفيس في ضقب الإمام محمد بن إدريس.
التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه
تفسير ابن كثير من أشهر ما دون في التفسير المأثور، ويعتبر في هذه الناحية الكتاب الثاني بعد كتاب ابن جرير، أعتني فيه مؤلفه بالرواة عن مفسري السلف، ففسر فيه كلام الله تعالى بالأحاديث والأثار مسنده إلى أصحابها مع الكلام عما يحتاج إليه جرحا وتعديلا، وقد طبع هذا التفسير مع معالم التفسير اللغوي، ثم طبع مستقلا في أربعة أجزاء كبار.
وقد قدم له مؤلفه بمقدمة طويلة هامة، تعرض فيها لكثير من الأمور التي لها تعلق واتصال بالقرأن وتفسيره، ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذي ذكره في مقدمته في أصول التفسير.
ولقد قرأت في هذا التفسير فوجدته يمتاز في طريقته بأنه بذكر الأية، ثم يفسرها بعبارة سهامة موجزة، وإن أمكن توضيح الأية بأية أخرى ذكرها وقارن بين الأيتين حتى يتبين المعنى ويظهر المراد، وهو شديد العناية بهاذا النوع من التفسير الذي يسمونه تفسير القرأن بالقرأن، وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سردا للأيات المتناسبة في المعنى الواحد.
ثم بعد أن يفرغ من هذا كله، يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالأية، ويبين ما يحتاج به وما لا يحتاج به منها، ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومن يليهم من علماء السلف.
ونجد ابن كثير يرجح بعض الأقوال على بعض، ويضعف بعض الروايات، ويصحح بعضا أخر منها، ويعدل بعض الرواة يجرح بعضا أخر، وهذا يرجح إلى كا كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال.
وكثيرا ما تجد ابن كثير بنقل من تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم، وتفسير ابن عطية، وغيرهم ممن تقدمه.
ومما يمتاز به ابن كثير أنه يليه إلى ما في التفسير المأثور من منكرات الإسرائيليات، ويحذر منها على وجه الإجمال تارة، وعلى وجه التعيين والبيان لبعض منكراتها تارة أخرى.
فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الأية (67) وما بعدها من سورة البقرة ((إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة....)) إلى أخر القصة، نراه يقص لنا قصة طويلة ونحريبية عن طلبهم للبقرة المخصوصة، وعن وجودهم لها عند رجل من بني أسرائيل من أبر الناس بأبيه.... الخ، ويروي كل ما قيل في ذلم عن بعض علماء السل. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول ما نصه: مأخوذة من كتب بني أسرائيل، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولاتكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا، والله أعلم)).
ومثلا عند تفسيره لأول سورة ((ق)) نراه يعرض لمعنى هذا الحرف في أول السورة ((ق)) ويقول... وقد روى عن بعض السلصف أنهم قالوا ((ق)) جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف، وكأن هذا – والله أعلم – من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم مما لا يصدق ولا يكذب، وعندي أن هذا وأمثاله و أشياهه من اختلاق بعض رنادقتهم، يلبسون به على الناس أمر دينهم، كما افترى في هذه الأمة مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدي وقله الحفاظ النقاه فيهم، وشربهم الخمود وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبذيل كتب الله وأياته؟ وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: ((وحدثوا عن بني إسرائيل ولا جرح فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيلة العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب عن الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم)).
كما نلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية، ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عند ما يشرح اية من أيات الأحكام، وإن شئت أن ترى مثالا لذلك فارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الأية (185) من سورة البقرة..... فمن شهد منكم الشره فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر.... الأية، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الأية، وذكر أقوال العلماء فيها، وأدلتهم على ما ذهبوا إليه وارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الأية (230) من سورة البقرة أيضا ((فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره.... الأية)) فإنه قد تعرض لما يشترط في نكاح الزوج المحلل، وذكر أقوال العلماء وأدلتهم.
وهذكذا يدخل ابن كثير في خلافات الفقهاء، ويخوض في مذاهبهم وأدلتهم كلما تكلم عن أية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقتصد مقل لا يسرف كما أسرف غيره من فقهاء المفسرين.
وبالجملة، فإن هذا التفسير عن خير كتب التفسير بالمأسور، وقد شهد له بعض العلماء، فقال السيوطي في ذيل تذكرة الحافظ، والزرقاني في شرح المواهب = إنه يؤلف على نمطه مثله.
Lanjuuut..
HADIS MARFUK
المبْحَث الأول
ـ تقسيم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه ـ
ينقسم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه إلى أربعة أقسام وهي:
الحديث القدسي ـ المرفوع ـ الموقوف ـ المقطوع. وإليك بحث هذه الأقسام تفصيلا على التوالي.
المَرْفُوع
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من فعل " رَفعَ " ضد وَضَعَ " كأنه سُمي بذلك لنِسْبَتِهِ إلى صاحب المقام الرَّفيع، وهو النبي صلي الله عليه وسلم.
ب) اصطلاحاً: ما أُضيف إلى النبي صلي الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
2- شرح التعريف :
أي هو ما نُسِبَ أو ما أُسْنِدَ إلى النبي صلي الله عليه وسلم سواء كان هذا المضاف قولا للنبي صلي الله عليه وسلم أو فعلا أو تقريراً أو صفة وسواء كان المُضِيْفُ هو الصحابي أو من دونه ، متصلا كان الإسناد أو منقطعاً ، فيدخل في المرفوع الموصول والمرسل والمتصل والمنقطع ، هذا هو
المشهور في حقيقته ، وهناك أقوال أخري في حقيقته وتعريفه .
3- أنواعه:
يتبين من التعريف أن أنواع المرفوع أربعة وهي:
أ)
Lanjuuut..
باب سجود السهو و غيره
باب سجود السهو و غيره
من سجود التلاوة و الشكر
الحديث الأول
(عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين و لم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتتظر الناس تسليمه، كبرو هو جالس، ويسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم). أخرجه السبعة وهذا اللفظ للبخاري وفي رواية لمسلم: يكبر في كل سجدة وهو جالس ويسجد وهو جالس و يسجد، و يسجد الناس معه مكان ما نسي من الجلوس.
المعنى الإجمالي
الصلاة تشمل على أركانها و غيرها، فالركن لا بد من إتيانه و لا يقام مكانه بسجود السهو، ولمكان التشهد الأول ليس ركنا من أركان الصلاة كان سجود
Lanjuuut..
أهمية هذا العلم وأغراضه
أهمية هذا العلم وأغراضه
إن علم الحديث ذو أهمية بالغة، حيث أقيم بنيانه لغاية عظيمة، وأغراض نبيلة، منها:
1/ أنه تم بذلك العلم حفظ الدين الإسلامي من التحريف والتبديل, فقد نقلت الأمة الحديث النبوي بالأسانيد, وميزت به الصحيح عن السقيم, ولولا هذا العلم لالتبس الحديث الصحيح بالضعيف والموضوع , ولاختلط كلام الرسول بكلام غيره .
2/ أن هذا العلم وضح المنهجية التي سلكها العلماء الأولون لإثبات الحديث وتنقيته من الدخيل، وذلك بما وضعوا من موازين منضبطة، وما سلكوا من سبل تجمع بين المنهج السليم، والأمانة العلمية الواضحة, وإنما كان حرص العلماء على تقعيد القواعد التي بها يعرف الحديث المقبول من المردود, أن الحديث يأتي في المرتبة الثانية بعد القرآن, وما ينسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل
Lanjuuut..
الحسن الأشعري و الأشاعرة
الحسن الأشعري و الأشاعرة
. ظهور الأشاعرة
ظهرت الأشعرية بعد أن تنفس الناس الصعداء من سيطرة المعتزلة فى القرن الثالث الهجرى.
وهى فى الأصل نسبة إلى أبى الحسن الأشعرى، ظهر بالبصرة وكان أول أمره على مذهب المعتزلة ثم تركه واستقل عنهم، ولقد أصبح الانتساب إلى الأشعرى هو ما عليه أكثر الناس فى البلدان الإسلامية.
بعضهم على معرفة بمذهبه الصحيح وآرائه التى استقر عليها أخيراً، وبعضهم على جهل تام بذلك وبعضهم يتجاهل ويصر على مخالفته مع انتسابه إليه.
وانتساب الأشاعرة إليه إنما هو بعد تركه للاعتزال وانتسابه إلى ابن كلاب، وهى المرحلة الثانية من المراحل التى مر بها الأشعرى، ولم يدم فيها إذ رجع إلى مذهب السلف، ولكن بعض الأشاعرة ينتسبون إليه ولكن فى مرحلته الثانية، ومن انتسب إليه فى مرحلته الثالثة فقد وافق السلف، ونذكر فيما يلى نبذة موجزة عنه.
أبو الحسن الأشعرى
هو على بن إسماعيل الأشعرى ينتسب إلى أبى موسى الأشعرى، وهو أحد علماء القرن الثالث، تنتسب إليه الأشعرية، ولد فى البصرة سنة ١٥٠هـ وقيل: سنة ٢٧٠هـ وتوفى سنة ٣٣٠هـ على أحد الأقوال.
تعمق أولاً فى مذهب المعتزلة وتتلمذ على أبى على الجبائى محمد بن عبد الوهاب أحد مشاهير المعتزلة، إلا أن الله أراد له الخروج عن مذهبهم والدخول فى مذهب أهل السنة والجماعة، وتوج ذلك بما سجله فى كتابه "الإبانة عن أصول الديانة".
ومما يذكر عن سيرته أنه كان دائماً يتململ من اختلاف الفرق فى وقته وينظر فيها بعقل ثاقب، فهداه الله إلى الحق واقتنع بما عليه السلف من اعتقاد مطابق لما جاء فى القرآن والسنة النبوية فكان له موقف حاسم فى ذلك.
ومما يدل على ذكائه وطلبه للحق وإفحامه لخصمه فى المحاجة أنه سأل أستاذه( ) أبا على الجبائى عن ثلاثة أخوة كان أحدهم مؤمناً براً تقياً. والثانى كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائى: أما الزاهد ففى الدرجات، وأما الكافر ففى الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة.
فقال الأشعرى: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائى: لا لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعاته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعرى: فإن قال: ذلك التقصير ليس منى فإنك ما أبقيتنى ولا أقدرتنى على الطاعة، فقال الجبائى: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعرى: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالى فلم راعيت مصلحته دونى؟ فانقطع الجبائى.
لقد كان الأشعرى إماماً فذاً كثير التأليف واسع الاطلاع محبباً إلى الناس، ولهذا تجد أن كل طائفة تدعى نسبته إليها "فالمالكى يدعى أنه مالكى، والشافعى يزعم أنه شافعى، والحنفى كذلك"( ).
ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل :
- المرحلة الأولى : عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .
- المرحلة الثانية : ثار فيها على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه ، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً ، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه ، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل : الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .
- المرحلة الثالثة : إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل ، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل . ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدر بثمانية وستين مؤلفاً ، توفي سنة ٣٢٤هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته : " اليوم مات ناصر السنة " .
- بعد وفاة أبو الحسن الأشعري ، وعلى يد أئمة المذهب وواضعي أصوله وأركانه ، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور ، تعددت فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده , من أبرز مظاهر ذلك التطور :
- القرب من أهل الكلام والاعتزال .
- الدخول في التصوف ، والتصاق المذهب الأشعري به .
- الدخول في الفلسفة وجعلها جزء من المذهب
تعمق أولاً فى مذهب المعتزلة وتتلمذ على أبى على الجبائى محمد بن عبد الوهاب أحد مشاهير المعتزلة، إلا أن الله أراد له الخروج عن مذهبهم والدخول فى مذهب أهل السنة والجماعة، وتوج ذلك بما سجله فى كتابه "الإبانة عن أصول الديانة".
ومما يذكر عن سيرته أنه كان دائماً يتململ من اختلاف الفرق فى وقته وينظر فيها بعقل ثاقب، فهداه الله إلى الحق واقتنع بما عليه السلف من اعتقاد مطابق لما جاء فى القرآن والسنة النبوية فكان له موقف حاسم فى ذلك.
ومما يدل على ذكائه وطلبه للحق وإفحامه لخصمه فى المحاجة أنه سأل أستاذه( ) أبا على الجبائى عن ثلاثة أخوة كان أحدهم مؤمناً براً تقياً. والثانى كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائى: أما الزاهد ففى الدرجات، وأما الكافر ففى الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة.
فقال الأشعرى: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائى: لا لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعاته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعرى: فإن قال: ذلك التقصير ليس منى فإنك ما أبقيتنى ولا أقدرتنى على الطاعة، فقال الجبائى: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعرى: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالى فلم راعيت مصلحته دونى؟ فانقطع الجبائى.
لقد كان الأشعرى إماماً فذاً كثير التأليف واسع الاطلاع محبباً إلى الناس، ولهذا تجد أن كل طائفة تدعى نسبته إليها "فالمالكى يدعى أنه مالكى، والشافعى يزعم أنه شافعى، والحنفى كذلك"( ).
النشأة
كان أبو الحسن الأشعري في نشأته الأولى معتزليا يأخذ المذهب عن الجبّائي، وما لبث أن عارض شيخه فأسس مذهبا مستقلا انتصر فيه بالأساليب الكلامية لأهل السنة خصوصا في المسائل المتعلقة بخلق القرآن والقضاء والقدر. ذكر ابن عساكر أن أبا الحسن الأشعري اعتزل الناس مدة خمسة عشر يوما، وتفرغ في بيته للبحث والمطالعة، ثم خرج إلى الناس في المسجد الجامع، وأخبرهم أنه انخلع مما كان يعتقده المعتزلة، كما ينخلع من ثوبه، ثم خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه الجديدة للناس. وقد نال لذلك منزلة عظيمة بين الناس، وكثر أنصاره مؤيدوه من حكام وعلماء، ولقّبه بعض أهل عصره بإمام السنة والجماعة
علمنا فيما مضى أن الأشعرى كان على مذهب المعتزلة ومن العارفين به، وأنه أقام عليه مدة أربعين سنة، ومما يذكره العلماء عن سيرته ورجوعه عن الاعتزال ومذهب ابن كلاب إلى المذهب الحق، أنه مكث فى بيته خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الناس وفى نهايتها خرج فى يوم جمعة، وبعد أن انتهى من الصلاة صعد المنبر وقال مخاطباً من أمامه من جموع الناس:
"أيها الناس، من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفنى فأنا أعرفه بنفسى أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وأن الله تعالى لا يُرى بالأبصار، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع متصد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم.
معاشر الناس إنما تغيبت عنكم هذه المدة، لأنى نظرت فتكافأت عندى الأدلة ولم يترجح عندى شئ على شئ فاستهديت الله تعالى فهدانى إلى اعتقاد ما أودعته كتبى هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقد كما انخلعت من ثوبى هذا"، وانخلع من ثوب كان عليه ودفع للناس ما كتبه على طريقة الجماعة من الفقهاء والمحدثين( ).
وحينما انضم إلى أهل السنة والجماعة، فرحوا به فرحاً شديداً، واحترموه وعرفوا قدره وإخلاصه وتوجهه إلى الحق بيقين ثابت، وصارت أقواله حجة وآراؤه متبعة، بينما ثار عليه أهل الاعتزال وذموه بأنواع الذم غيظاً عليه، لوقوفه فى وجوههم وإبطال آرائهم المخالفة للحق وتركه لمذهبهم، خصوصاً وأنه كان من المتعمقين فى مذهبهم والعارفين بعواره.
ومما ينبغى ملاحظته أن ينتبه طالب العلم إلى تمويه المغرضين ممن يزعم أن الأشعرى لم يتب عن الاعتزال، وأن الإبانة مدسوسة عليه، وهو كذب وليس له ما يسنده، بل الصحيح الذى عليه عامة علماء السلف أن الأشعرى رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة وتاب من كل ما يخالفه، كما صرح بذلك فى كتبه كالإبانة وغيرها من مؤلفاته النافعة( ).
الإنتشار
في المشرق انتشر مذهب الأشعري في عهد دولة السلاجقة وبالتحديد في عهد وزارة نظام الملك الذي اهتم ببناء المدارس وربط المساجد ببعضها والذي كان يرفع من شأن العلماء، وقد تم تدريس المنهج الأشعري في مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي وقتها. ، فلم تأت الحروب الصليبية إلا وكان المذهب الأشعري قد ساد المشرق بشكل غير مسبوق، فلما قضى السلطان صلاح الدين على دولة الفاطميين في مصر قام بتحويل الأزهر التي كانت على مذهب الإسماعيلية الشيعة المفروض من الفاطميين إلى مذهب أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة في العقيدة والذي كان سائداً ومنتشراً في ذلك الوقت.
أما في بلاد المغرب العربي فإن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين كان وطيد الصلة مع علماء الأشاعرة فابن رشد الجد (الملقب بشيخ المالكية) وهو من الأشاعرة كان قاضي القضاة زمن المرابطين ، وأبي عمران الفاسي الذي يعتبره بعض الباحثين من الأشاعرة ، كما أن أبو بكر بن العربي وهو من أهم علماء المالكية وممن كان يعتمد عليهم ابن تاشفين كان من تلاميذ الغزالي الذي كان أهم علماء المشرق في ذاك العصر ومن المعلوم أن الغزالي من كبار علماء الأشاعرة، وهناك من يرى أن محمد بن تومرت الذي أسقط دولة المرابطين وأسس دولة الموحدين على أنقاضها هو من أدخل أفكار الأشاعرة إلى المغرب العربي، إلا أنه مما يقوي الطرح الأول أن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين، عندما عزم على الدخول إلى الأندلس قام باستشارة أبو حامد الغزالي أحد أهم أئمة الأشاعرة، وهذا لا ينفي أن تدريس المنهج الأشعري ازدهر بعد سقوط دولة المرابطين، فنظراً إلى أن المغرب الإسلامي لم يشهد فرقاً فكرية متنوعة كالتي شهدها المشرق فإن هذا جعل أهل المغرب يعتنون بفروع الدين وبالأخص الفقه دون الأصول كالعقيدة وذلك لعدم وجود تنازع كالذي حصل في المشرق بين الأشاعرة وأهل الحديث من جهة والمعتزلة من جهة أخرى،
بينما أكد بعض علماء الأشاعرة أن المغرب الإسلامي ظل على معتقد أهل الحديث حتى زمن دولة المرابطين الذين أظهروا هذا المعتقد وحاربوا الفرق والعقائد الكلامية وأمروا بكتب الغزالي فاحرقت ثم خرج عليهم محمد بن تومرت داعياً إلى المعتقد الأشعري، وكفر المرابطين بدعوى أنهم مجسمة ومشبههة، وسمى أتباعه الموحدين تعريضاً بهم واستباح بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم حتى قضى أتباعه من بعده على دولة المرابطين وأسسوا دولة الموحدين على أنقاضها متبنين منهج الأشاعرة، وظل المعتقد الأشعري هوالسائد عندهم حتى يومنا هذا
بعد أن استقر المغرب وانطفأت فيه الفتن بدأت حواضر علمية عدة في تبنّي منهجية تعليمية تنافس نظيراتها في المشرق ومن بين المناهج التي اعتمدت كان منهج الأشاعرة في العقيدة ومن أبرز أعلامه في المغرب الإسلامي الطّرطوشي، والمازري، والباجي، والقاضي عياض، والقرطبي، والقرافي، والشّاطبي وابن عاشر وأحمد زروق والسنهوري
الافكار العقائدية
مصدر التلقي:
أ- مصدر التلقي عند الأشاعرة هو العقل ، وقد صرح الجويني والرازي والبغدادي والغزالي والآمدي والأيجي وابن فورك والسنوسي وشراح الجوهرة وسائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض ، وعلى هذا يرى المعاصرون منهم ، ومن هؤلاء السابقين من صرح بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر وبعضهم خففها فقال هو أصل الضلالة .
ولضرورة الاختصار أكتفي بمثالين مع الإحالة إلى ما في الحاشية لمن أراد المزيد :
الأول : وضع الرازي في أساس التقديس القانوني الكلي للمذهب في ذلك فقال : الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف يكون الحال فيها ؟
اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة :
أ. إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال .
ب. وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال .
ج. وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل .
لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على محمد صلى الله عليه وسلم .
ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول ، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة .
فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل .ه
ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية – القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة ، أو يقال أنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها .
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر التأويلات على التفصيل ، وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى ، فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق.
الثاني : يقول السنوسي ( ت ٨٨٥ ) في شرح الكبرى :
وأما من زعم أن الطريق بدأ إلى معرفة الحق الكتاب والسنة ويحرم ما سواهما فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي ، وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقادها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع.
ب- صرح – متكلموهم – ومنهم من سبق في فقرة أن نصوص الكتاب والسنة ظنية الدلالة ولا تفيد اليقين إلا إذا سلمت من عشر عوارض منها : الاضمار والتخصيص والنقل والاشتراك والمجاز … الخ ، وسلمت بعد هذا من المعارض العقلي ، بل قالوا : من احتمال المعارض العقلي !!
ج- موقفهم من السنة خاصة أنه لا يثبت بها عقيدة ، بل المتواتر منها يجب تأويله وأحادها لا يجب الاشتغال بها حتى على سبيل التأويل ، حتى إن إمامهم الرازي قطع بأن رواية الصحابة كلهم مظنونة بالنسبة لعدالتهم وحفظهم سواء ، وأنه في الصحيحين أحاديث وضعها الزنادقة … إلى آخر ما لا استجيز نقله لغير المتخصين ، وهو في كتابه أساس التقديس والأربعين .ه
د- تقرأ في كتب عقيدتهم قديمها وحديثها المائة صفحة أو أكثر فلا تجد فيها آية ولا حديثاً ، لكنك قد تجد في كل فقرة (( قال الحكماء )) أو (( قال المعلم الأول )) أو (( قالت الفلاسفة ونحوها .
هـ- مذهب طائفة منهم وهم صوفيتهم – كالغزالي والحامي – في مصدر التلقي هو تقديم الكشف والذوق على النص وتأويل النص ليوافقه ، وقد يصححون بعض الأحاديث ويضعفونها حسب هذا الذوق ، كحديث إسلام أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ودخولهما الجنة بزعمهم ، ويسمون هذا العلم اللدني )) جرياً على قاعدة الصوفية (( حدثني قلبي عن ربي.
الثاني : إثبات وجود الله :
الكون والنفس والآثار والآفاق والوحي أجل من الحصر ، ففي كل شيء له آية وعليه دليل .
أما الأشاعرة فعندهم دليل يتيم هو دليل الحدوث والقدم وهو الاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث وكل حادث فلابد من محدث قديم ، وأخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس جوهراً ولا عرضاً ولا جسماً ولا في جهة ولا مكان … الخ ، ثم أطالوا جداً في تقرير هذه القضايا هذا وقد رتبوا عليه من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت العدو مثل إنكارهم لكثير من الصفات كالرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم ونفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية … إلى آخر المصطلحات البدعية التي جعلوا نفيها أصولاً وأنفقوا الأعمار والمداد في شرحها ونفيها ، ولو أنهم قالوا الكون مخلوق وكل مخلوق لابد له من خالق لكان أيسر وأخصر مع أنه ليس الدليل الوحيد ولكنهم تعمدوا موافقة الفلاسفة حتى في ألفاظهم.
التوحيد
التوحيد عند أهل السنة والجماعة معروفة بأقسامه الثلاثة وعندهم أول واجب على المكلف ، أما الأشاعرة قدماؤهم ومعاصروهم فالتوحيد عندهم هو نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي حسب تعبيرهم نفي الكمية المتصلة والكمية المنفصلة ومن هذا المعنى فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع وأنكروا بعض الصفات كالوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم .
أما التوحيد الحقيقي وما يقابله من الشرك ومعرفته والتحذير منه فلا ذكر لها في كتب عقيدتهم إطلاقاً ولا أدري أين يضعونه أفي كتب الفروع ؟ فليس فيها أم يتركونه بالمرة فهذا الذي أجزم به .ه
أما أول واجب عند الأشاعرة فهو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر أو .. إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه ، أيحكم له بالإسلام أم بالكفر ؟!
وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته ، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله ونقل أقوالاً كثيرةً في الرد عليهم وإن لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول.
- فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع ، وبذلك جعلوا التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته مع تأويل أكثر صفاته جل وعلا. وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد أول واجب على العبد هو إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل .
- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أولوا أكثر نصوص الإيمان.
أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه ، سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها.
حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى، ... فذكر الحديث وقال: فقال رسول الله : "أيها الناس: إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريباً".
خرجت طرق هذا الخبر في كتاب: الذكر والتسبيح.
قال أبوبكر: فاسمعوا يا ذوي الحجا ما نقول في هذا الباب ونذكر بهت الجهمية وزورهم، وكذبهم على علماء أهل الآثار ورميهم خيار الخلق بعد الأنبياء بما الله قد نزههم عنه، وبرأهم منه، بتزوير الجهمية على علمائنا (أنهم مشبهة، فاسمعوا ما أقول وأبين من مذاهب علمائنا)، تعلموا وتستيقنوا بتوفيق خالقنا أن هؤلاء المعطلة يبهتون العلماء ويرمونهم بما الله نزههم عنه.
نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات العلى، وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأرضين السبع، ولا مما بينهم ولا فوقهم، ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه.
وبنو آدم وإن كانت لهم عيون يبصرون بها فإنهم إنما يرون ما قرب من أبصارهم، مما لا حجاب ولا ستر بين المرئي وبين أبصارهم، وما يبعد منهم وإن كان يقع اسم القرب عليه في بعض الأحوال، لأن العرب التي خوطبنا بلغتها قد تقول: قرية كذا منا قريبة وبلدة كذا قريبة منا ومن بلدنا، ومنزل فلان قريب منا. وإن كان بين البلدين وبين القريتين وبين المنزلين فراسخ.
والبصير من بنى آدم لا يدرك ببصره شخص آخر، من بني آدم، وبينهما فرسخان فأكثر، وكذلك لا يرى أحد من الآدميين ما تحت الأرض إذا كان فوق المرئي من الأرض والتراب قدر أنملة، أو أقل منها بقدر ما يغطي ويواري الشيء، (وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجاب من حائط أو ثوب، صفيق أو غيرهما مما يستر الشيء) عن عبن الناظر، فكيف يكون يا ذوي الحجا مبها من يصف عين الله بما ذكرنا، وأعين بني آدم بما وصفنا.
ونزيد شرحاً وبياناً: نقول: عين الله (عز وجل) قديمة، لم تزل، باقية، ولا تزال محكوم لها بالبقاء، منفي عنها الهلاك، والفناء، وعيون بني آدم محدثة مخلوقة، كانت عدماً غير مكونة الله وخلقها بكلامه الذي هو: صفة من صفات ذاته، وقد قضى الله وقدر أن عيون بني آدم تصير إلى بلاء، عن قليل والله نسأل خير ذلك المصير وقد يعمي الله عيون كثير من الآدميين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم، ولعل كثيراً من أبصار الآدميين قد سلط خالقنا عليها ديدان الأرض حتى تأكلها وتفنيها بعد نزول المنية بهم، ثم ينشئها الله بعد، فيصيبها ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه، (فما الذي يشبه يا ذوى الحجا عين الله التي هي موصوفة بما ذكرنا عيون بني آدم التي وصفناها بعد)؟
ولست أحسب: لو قيل لبصير- لا آفة ببصره ولا علة بعينه، ولا نقص، بل هو أعين، أكحل، أسود الحدق، شديد بياض العينين أهدب الأشفار: عينك كعين فلان، الذي هو: صغير العين، أزرق، أحمر بياض العينين، قد تناثرت أشفاره، وسقطت، أو كان أخفش العين، أزرق، أحمر بياض شحمها، يرى الموصوف الأول: الشخص من بعيد، ولا يرى الثاني مثل ذلك الشخص من قدر عشر ما يرى الأول، لعلة في بصره، أو نقص في عينه، إلا غضب من هذا وأنف منه، فلعله يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشتم والأذى.
ولست أحسب عاقلاً يسمع هذا المشبه عيني أحدهما بعيني الآخر، إلا وهو يكذب هذا المشبه عين أحدهما بعين الآخر، ويرميه بالعته، والخبل والجنون، ويقول له: لو كنت عاقلاً يجري عليك القلم: لم تشبه عيني أحدهما بعيني الآخر. وإن كانا جميعاً يسميان بصيرين، إذ ليسا بأعميين، ويقال: لكل واحد منهما عينان يبصر بهما، فكيف لو قيل له: عينك كعين الخنزير، والقرد، والدب، والكلب، أو غيرها من السباع، أو هوام الأرض، والبهائم، فتدبروا –يا ذوى الألباب- أبين عيني خالقنا الأزلي، الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال، وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر أو مما بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا؟
تعلموا (وتستيقنوا أن من سمى علماءنا مشبهة) غير عالم بلغة العرب، ولا يفهم العلم، إذ لم يحز تشبيه أعين بني آدم بعيون) المخلوقين، من السباع والبهائم، والهوام، وكلها لها عيون يبصرون بها، وعيون جميعهم محدثة مخلوقة، خلقها الله بعد أن كانت عدما، وكلها تصير إلى فناء وبلى، وغير جائز إسقاط اسم العيون والأبصار عن شيء منها، فكيف يحل لمسلم لو كانت الجهمية من المسلمين أن يرموا من {يثبت لله عينا بالتشبيه، (فلو كان كل ما وقع} عليه الاسم كان مشبها لما يقع عليه ذلك الاسم)، لم يحز قراءة كتاب الله، ووجب محو كل آية بين الدقتين فيها ذكر نقس الله، أو عينه، أو يده، ولوجب الكفر بكل ما في كتاب الله (عز وجل) من ذكر صفات الرب، كما يجب الكفر بتشبيه الخالق بالمخلوق، إلا: أن القوم جهلة، لا يفهمون العلم، ولا يحسنون لغة العرب، فيضلون ويضلون.
والله نسأل العصمة والتوفيق والرشاد في كل ما نقول وندعو إليه.
قال: وهذه الصفات أزلية قائمة بذاته تعالى لا يقال: هي هو ولا: هي غيره ولا: لا هو ولا: لا غيره.
والدليل على أنه متكلم بكلام قديم ومريد بإرادة قديمة: أنه قد قام الدليل على أنه تعالى ملك والملك من له الأمر والنهي فهو آمر نله فلا يخلو: إما أن يكون آمراً بأمر قديم أو بأمر محدث وإن كان محدثاً فلا يخلو: إما أن يحدثه في ذاته أو في محل أو لا في محل.
ويستحيل أن يحدثه في ذاته لأنه يؤدي إلى أن يكون محلاً للحوادث وذلك محال ويستحيل أن يحدثه في محل لأنه يوجب أن يكون المحل به موصوفاً ويستحيل أن يحدثه لا في محل لان ذلك غير معقول فتعين أنه: قديم قائم به صفة له.
ومن وافقهم قال أبو محمد وأما الأحوال التي ادعتها الأشعرية فإنهم قالوا أن هاهنا أحوالاً ليست حقاً ولا باطلاً ولا هي مخلوقة ولا غير مخلوقة ولا هي موجودة ولا معدومة ولا هي معلومة ولا هي مجهولة ولا هي أشياء ولا هي لا أشياء و قالوا من هذا علم العالم بأن له علماً ووجوده لوجوده و قالوا فإن قلتم أن لكم علماً بأن لكم علماً بالباري تعالى وبما تعلمونه وأن لكم وجوداً لوجودكم ما تجدونه سألناكم ألكم علم بعلمكم بأن لكم علماً وهل لكم وجود لوجودكم وجودكم ما تجدونه فإن أقررتم بذلك لزمكم أن تسلسلوا هذا أبداً إلى ما لا نهاية له ودخلتم في قول أصحاب معمر والدهرية.
وإن منعتم من ذلك سئلتم عن صحة الدليل على صحة منعكم ما منعتم من ذلك وصحة إيجابكم ما أوجبتم من ذلك وكذلك قالوا في قدم القديم وحدث المحدث وبقاء الباقي وفناء الفاني وظهور الظاهر وخفاء الخافي وقصد القاصد ونية الناوي وزمان الزمان وما أشبه ذلك.
و قالوا لو كان للباقي بقاء ولبقاء الباقي بقاء وهكذا أبداً إلى ما لا نهاية له قالوا فهذا يوجب وجود أشياء لا نهاية لها وهذا محال وهكذا قالوا في قدم القديم وقد قدمه وقدم قدم قدمه إلى ما لا نهاية له وفي حدوث المحدث وحدث حدثه وحدث حدث حدثه إلى ما لا نهاية له وهكذا قالوا في زمان الزمان وزمان زمان الزمان إلى ما لا نهاية وفي فناء الفاني وفناء فنائه وفناء فناء فنائه إلى ما لا نهاية له وكذلك ظهور الظاهر وظهور ظهوره وظهور ظهور ظهوره إلى ما لا نهاية له وكذلك القصد والقصد إلى القصد والقصد إلى القصد إلى القصد وهكذا إلا ما لا نهاية له وكذلك النية والنية للنية والنية للنية للنية إلى ما لا نهاية له وكذلك تحقيق الحق وتحقيق تحقيق الحق إلى ما لا نهاية له.
قال أبو محمد: أفكار السوء إذا ظن صاحبها أنه يدقق فيها فهي أضر عليه لأنها تخرجه إلى التخليط الذي ينسبونه إلى السوفسطائية وإلى الهذيان المحض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
أما العدم فإنه من صفات الزمن ومن فيه تقول ملك أقدم من ملك وزمان أقدم من زمان وشيخ أقدم من شيخ أي أنه متقدم بزمانه عليه والزمان متقدم بذاته على الزمان ليس في العالم قدم قديم الأزماني هذا هو حكم اللغة التي لا يوجد فيها غيره أصلاً فالقدم هو التقدم والتقدم متقدم بنفسه على غيره فقط لأن القدم موجود معلوم وهي صفة المتقدم فلا يجوز إنكاره وأما قدم القديم فباطل لأنه لم يأت به نص ولا قام بوجوده دليل وما كان هكذا فهو باطل وأما وجود الموجود فبضرورة الحس أن الموجود حق وأنه يقتضي واجداً وأن الواجد يقتضي وجوداً لما وجد هو فعل الواجد وصفته فهو حق لما ذكرنا ووجود الواجد يوجد بذاته لا بوجود هو غيره لأن وجود الوجود لم يأت به نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما الباري عز وجل فإنه يجد نفسه ويعلمها ويجد ما دونه ويعلمه بذاته لا بوجود هو غيره ولا بعلم هو غيره فقط وكذلك العالم منا يقتضي علماً ولا بد هو فعل العالم وصفته المحمولة فيه عرضاً بيقين ويزيد ويذهب ويثبت أطواراً هذا ما لا شك فيه والعالم منا يعلم أنه يحمل علماً بعلمه ذلك لا بعلم هو غير علمه لأن العالم بالعلم لم يوجب وجوده نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وكذلك الباقي مثاله بلا شك والبقاء هو اتصال وجوده مدة بعد مدة وهذا معنى صحيح لا يجوز أن ينكره عاقل فإما بقاء البقاء فلم يأت بإيجاب وجود نص ولا قام به برهان وما كان هكذا فهو باطل ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالبقاء ولا أنه باق كما لا يوصف بالخلد ولا بأنه خالد ولا بالدوام ولا بأنه دائم ولا بالثبات ولا بأنه ثابت ولا بطول العمر ولا بطول المدة لأن الله عز وجل لم يسم نفسه بشيء من ذلك لا في القرآن ولا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قال ه قط أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا قام به برهان بل البرهان قام ببطلان ذلك لأن كل ما ذكرنا من صفات المخلوقين ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بشيء من صفات المخلوقين إلا أن يأتي نص بأن يسمي باسم ما فيوقف عنده ولأن كل ما ذكرنا أعراض فيما هو فيه والله تعالى لا يحمل الأعراض وأيضاً فإنه عز وجل لا في زمان ولا يمر عليه زمان ولا هو متحرك ولا ساكن لكن ي قال لم يزل الله تعالى ولا يزال وأما الفناء فإنه مدة للعدم تعدها أجزاء الحركات والسكون ولا يجوز أن تكون للمدة مدة لكنها مدة في نفسها ولنفسها فالقول بالزمان حق لأنه محسوس معلوم وأما القول بزمان الزمان فهو شيء لم يأت به نص ولا قام بحصته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما ظهور الظاهر فهو متيقن معلوم والظهور صفة الظاهر وفعله تقول ظهر يظهر ظهوراً والظهور معلوم ظاهر بنفسه ولا يجوز أن ي قال أن للظهور ظهوراً لأنه لم يأت به نص ولا قام بصحته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما خفاء الخافي فهو عدم ظهوره والعدم ليس شيئاً كما قدمنا وأما القصد إلى الشي والنية له فإنما هما فعل القاصد والناوي وإرادتهما الشيء والقول بهما واجب لأنهما موجودات بالضرورة يجدهما كل أحد من نفسه ويعلمهما من غيره علماً ضرورياً وأما القصد إلى القصد والنية للنية فباطل لأنه لم يأت به نص ولا أوجبهما دليل وما كان هكذا فهو باطل والقول به لا يجوز فهذا وجه البيان فيما خفي عليهم حتى أتوا فيه بهذا التخليط والحمد لله رب العالمين.
الإيمان
الأشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية أجمعت كتبهم قاطبة على أن الإيمان هو التصديق القلبي ، واختلفوا في النطق بالشهادتين أيكفي عنه تصديق القلب أم لابد منه ، قال صاحب الجوهرة:ه
وفسر الإيمان بالتصديق والنطق به الخلف بالتحقيق
وقد رجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدق بقلبه ناج عند الله وإن لم ينطق بهما ومال إليه البوطي ، فعلى كلامهم لا داعي لحرص النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عمه أبو طالب لا إله إلا الله لأنه لاشك في تصديقه له بقلبه ، وهو من شابهه على مذهبهم من أهل الجنة !!ه
هذا وقد أولوا كل آية أو حديث ورد في زيادة الإيمان ونقصانه أو وصف بعض شعبه بأنها إيمان أو من الإيمان .
ولهذا أطال شيخ الإسلام رحمه الله الرد عليهم بأسمائهم كالأشعري والبلاقلاني والجويني وشراح كتبهم وقرر أنهم على مذهب جهم بعينه ، وفي رسالتي فصل طويل عن هذه القضية فلا أطيل به هنا.
- بين المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين ، ( تبسيط العقائد الإسلامية ٢٩- ٣٢ ) . و مال إليه البوطي ( كبرى اليقينيات ١٩٦ ) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها : ( أم حسب الذين اجترحوا اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون ) . عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كثير .
- الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون : إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر . أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ، ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع
وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من : الحشر والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة والجنة والنار ، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة ، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
- كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطأً وعن اجتهاد منهم ، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ، كما يرون الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .
إن الإسلام أوسع من الإيمان وليس كل إسلام إيمان، وندين بأنه يقلب القلوب وأن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل( )، وأنه عز وجل يضع السموات على أصبع والأرضين على أصبع( ) كما جاءت الرواية عن رسول الله.
وندين بألا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة ولا ناراً إلا من شهد له رسول الله بالجنة، ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
ونقول: إن الله عز وجل يخرج قوماً من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة محمد رسول الله تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله.
ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض، وأن الميزان حق والصراط حق، والبعث بعد الموت حق، وأن الله عز وجل يوقف العباد فى الموقف ويحاسب المؤمنين.
وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم بالروايات الصحيحة فى ذلك عن رسول الله التى رواها الثقات عدل عن عدل حتى تنتهى إلى الرسول ، وندين( ) بحب السلف الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ونثنى عليهم بما أثنى الله به عليهم ونتولاهم أجمعين.
القرآن
وقد أفردت موضوعه لأهميته القصوى ، وهو نموذج بارز للمنهج الأشعري القائم على التلفيق الذي يسميه الأشاعرة المعاصرون التوفيقية حيث انتهج التوسط بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة في كثير من الأصول فتناقض واضطرب .
فمذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل وسمعه موسى عليه السلام ويسمعه الخلائق يوم القيامة .
ومذهب المعتزلة أنه مخلوق .
أما مذهب الأشاعرة فمن منطلق التوفيقية – التي لم يحالفها التوفيق – فرقوا بين المعنى واللفظ ، فالكلام الذي يثبتونه لله تعالى هو معنى أزلي أبدي قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ولا يوصف بالخبر ولا الإنشاء .
واستدلوا بالبيت المنسوب للأخطل النصراني :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
أما الكتب المنزلة ذات الترتيب والنظم والحروف – ومنها القرآن – فليست هي كلامه تعالى على الحقيقة ، بل هي عبارة عن كلام الله النفسي ، والكلام النفسي شيء واحد في ذاته ، لكن إذا جاء التعبير عنه بالعبرانية فهو توراة وإن جاء بالسريانية فهو إنجيل وإن جاء بالعربية فهو قرآن ، فهذه الكتب كلها مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجاز لأنها تعبير عنه
واختلفوا في القرآن خاصة فقال بعضهم : إن الله خلقه أولاً في اللوح المحفوظ ثم أنزله في صحائف إلى سماء الدنيا فكان جبريل يقرأ هذا الكلام المخلوق ويبلغه لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون : إن الله أفهم جبريل كلامه النفسي وأفهمه جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم فالنزول نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال – لأنهم ينكرون علو الله – ثم اختلفوا في الذي عبر عن الكلام النفسي بهذا اللفظ والنظم العربي من هو ؟ فقال بعضهم : هو جبريل ، وقال بعضهم : بل هو محمد صلى الله عليه وسلم !
واستدلوا بمثل قوله تعالى : ( إنه لقوم رسول كريم ) في سورتي الحاقة والانشقاق حيث أضافه في الأولى إلى محمد صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى إلى جبريل بأن اللفظ لأحد الرسولين جبريل أو محمد وقد صرح الباقلاني بالأول وتابعه الجويني .
قال شيخ الإسلام : وفي إضافته تعالى إلى هذا الرسول تارة وإلى هذا تارة دليل على أنه إضافة بلاغ وأداء لا إضافة أحداث لشيء منه وإنشاء كما يقول بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبريل أو محمد مضاهاة منهم في نصف قولهم لمن قال إنه قول البشر من مشري العرب.
وعلى القول أن القرآن الذي نقرؤه مخلوق سار الأشاعرة المعاصرون وصرحوا ، فكشف بذلك ما أراد شارح الجوهرة أن يستره حين قال : يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم .
. يقول تعالى : (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله))
ان القران كلام الله ، منه بدا بلا كيفية قولا، وانزله على رسوله وحيا ، وصدّقه المؤمنون على ذلك حقا، وايقنوا انه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية .
" قمن سمعه قزعم انه كلام البشر فقد كفر ، وقد دمه الله وعابه واوعده بسقر". حيت قال تعالى (( ساصليه سقر )) – المدسر : ٢٦ .
فلما اوعدالله بسقر لمن قال (( ان هذا قول البشر)) – المدسر : ٢٥
افعال العباد
إن تركيب الإنسان النفسي والعضوي, و واقعه المشهود على مدار التاريخ, وطبيعة الحياة كما خلقها الله تعالى، و "الكبد" الذي خلق الإنسان فيه. و "الكدح" الذي لا ينفك عن بشر لتجيب جميعها بلا .
فالإنسان مع حرصه الفطري العنيد ومع السعي الدائم والحركة اللاهثة المستمرة يشتمل في تركيبه الذاتي على موانع كثيرة تحول بينه وبين استقلاله بذلك، ومنها على سبيل التمثيل "الضعف, الجهل، الظلم، العجلة، النسيان"
{إنه كان ظلموما جهولا} [ الأحزاب : ٧٢ ] .
{وخلق الإنسان ضعيفا} [ الأحزاب : ٢٨ ] .
{خلق الإنسان من عجل} [ الأنبياء : ٣٧ ] .
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} ( )[ طه : ١١٥ ] .
والله تعالى هو وحده الذي يريد الشئ فيكون. {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [ يس : ٨٢ ] .
أما الإنسان فالمسألة بين إرادته الشئ وتحققه له قد تكون من الطول بحيث تستنفذ كل العمر وتستهلك كل الكدح وتبلغ به الغاية من الكبد ، بل قد لا يتحقق له مراده أصلاً مهما كدح وكابد .
وهذه المسافة هي معترك الخواطر والإرادات والانفعالات كما هي معترك العمل والنصب والجهد.
فالبواعث لا تفتر والمطامع لا تقف عند حد, ومع ذلك فالعوارض الباغتة والحوائل المانعة كالسهام المشرعة, حتى إن حصول المراد ليس إلا بداية لمخاوف كثيرة من احتمال فواته أو فوات العمر قبل الاستمتاع به, فالكبد والهم لاستدامته لا يقل عنهما للحصول عليه.
وهكذا يكون القلب البشري كجناح الطائر لا يكاد يقف حتى يرف، ويظل- العمر كله - ميدانا لمتعارضات تتعاوده ومتضادات تنتابه من خوف ورجاء, وحب وكره, واستكبار وانكسار, وغفلة وتذكر, وشك ويقين, وفرح وترح .
وهذه هي أعمال القلوب التي لا ينفك منها قلب بشري قط .
ومنشأ عدم الانفكاك أن الافتقار الذاتي ملازم للوجود الإنساني شامل للحياة كلها ؛ طولا : من لحظة الميلاد - بل من قبله - إلى لحظة الممات , وعرضاً : مهما اتسعت الإرادات والمطامع والأعمال .
ولما كانت أعمال القلوب هي الأصل في حركة الإنسان وسعيه ، كانت موضع التعبد الأصلي , ومحط نظر المعبود من العباد : " التقوى هاهنا - وأشار إلى صدره ثلاث مرات " ( ). " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "( ) .
فإذا تذكرنا ما سبق تقريره من أن الله عز وجل - بلطفه وحكمته - أنزل الدين متسقا مع حقيقة النفس الإنسانية مساويا لفطرتها السوية علمنا أنه لا شيء من أعمال القلوب يقع خارج مجال التعبد بحال من الأحوال .
ومن ثم انقسم الناس من حيث الأصل فريقين :
أ. مؤمن يعبد الله وحده .
ب. مشرك يعبد غير الله معه أو من دونه .
وهذا - كذلك - هو السر في كون الإيمان درجات متفاوتة في قلوب الفريق الأول .
وهذا الإجمال يتضح بالفقرة التالية التي نريد بها العبور من الحقيقة النفسية إلى الحقيقة الشرعية .
إن ما سبق تقريره بشأن الافتقار الذاتي وتفرع أعمال القلوب عنه , هو وصف للحقيقة الإنسانية من حيث هي- مؤمنة أو كافرة - ولهذا نجده مشتركا بين فريقي البشر يحسه كل إنساني في نفسه سواء أعرب عنه لسانه أم عجز .
ولكن نقطة الالتقاء هذه يتفرع عنها طريقان مختلفان تمام الاختلاف - طريق الإيمان وطريق الكفر !
وهذا مثله كمثل عربتين تزودتا بوقود واحد وقادهما قائدان متماثلان في الخبرة والدراية . ولكن إحداهما انطلقت ذات اليمين والأخرى ذات الشمال .
ومن أبرز مظاهر الاختلاف بين المؤمن والكافر بالنظر إلى أن كلا منهما حارث وهمام كادح ومكابد مفتقر إلى غيره :
أ. اختلاف غاية كل منهما ومراده ومحبوبه ( ).
ب. اختلاف الأسباب الوسائط التي يتعلق بها القلب لتحقيق غاياته ومراداته .
ج. الاختلاف في الإقرار بحقيقة الافتقار بين حال وحال .
وكل هذا جاء تفصيله في القرآن والسنة على أكمل الوجوه , وقد جمعتها سورة الفاتحة من كل أطرافها واستوعبت كل معانيها .
رأية الله
وندين بأن الله تعالى يُرَى فى الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله ، ونقول: إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون فى الجنة، كما قال الله عز وجل: ))كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون(( ( )، وإن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل الرؤية فى الدنيا، وإن الله سبحانه وتعالى تجلى للجبل فجعله دكاً فأعلم بذلك موسى أنه لا يراه فى الدنيا، ونرى بألا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنا والسرقة وشرب الخمور، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم كافرون. ونقول: إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنا والسرقة وما أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً.
يبدأ ابن حزم بإيراد أقوال الفرق بهذه المسألة، وعادة ما يكون التقسيم من فريقين: قال أبو محمد: ذهبت المعتزلة وجهم بن صفوان، إلى أن الله عز وجل يرى في الآخرة...... وذهب المجسمة إلى أن الله تعالى يرى في الدنيا والآخرة.
وذهب جمهور أهل السنة والمرجئة، وضرار بن عمرو( ) ، من المعتزلة إلى أن الله يرى في الآخرة، ولا يرى في الدنيا وقال الحسين بن محمد النجار هو جائز لم يقطع به ( ) ، وهكذا يورد ابن حزم آراء المتكلمين في مسألة الرؤية على شكل ملخص موجز، ثم يبدأ بعد ذلك بتفنيد أقوال المخالفين وهم المجسمة والمعتزلة مبيناً إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة: (( بقوة غير القوة الموضوعة في العين الآن، لكن بقوة موهوبة من الله عز وجل )) ( ) ، ثم يورد حجة المعتزلة في ذلك وهي قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (الأنعام : ١٠٣) ، حيث يقول: (( وهذا لا حجة لهم فيه لأن الله تعالى إنما نفى الإدراك عندنا في الله زائد على النظر والرؤية)) ( ) ، ثم يبين معنى الإدراك والرؤية والفرق بينهما، وهذا مبحث لغوي قد أوضحنا أسلوب ابن حزم فيه، وبعد أن ينتهي من ذلك يورد بعض الاعتراضات للمعتزلة منها قول الجبائي( ) أن (( إلى )) في قوله تعالى:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (القيامة : ٢٢ - ٢٣) ، ليست حرف جر لكنها اسم وهي: ( واحدة الآلاء وهي النعم، وهي في موضع مفعول ومعناه نعم ربها منتظرة) ( ) يقول ابن حزم راداً هذه الدعوى: ( هذا بعيد لوجهين ....إلخ) ثم يورد رده المحبك المدعوم بالأدلة، حتى إذا انتهى من ذلك كله بدأ بتقرير الرؤية ورؤية الله تعالى يوم القيامة كرامة للمؤمنين لا حرمنا ذلك الله من فضله ) ( )
الخلاصة
و العقائد الاسلامية عندهم :
• ويعتقدون أنّ الله تعالى مدعوّا ياسمائه ، موصوف بالصفاته التى سمي و وصف بها نفسه و وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم .
• فهو تعالى ذو العلم والقوة والقدرة والسمع واليصر والكلام ، كما قال الله نعالى :
( - طه : ٣٩ ) ، ( - هود : ٣٧ ) وقال ( - توبة : ٦ ) ، ( - النساء : ١٦٤ ) ، ( - النحل : ٤٠ )
• ويقولون انّ القران كلام الله غير مخلوق ، وانه كيفما تصرّف ، بقراءة القارى له وبلفظه و محفوظا فى الصدور ، متلوّا بالالسن ، مكتوبا فى المصاحف غير مخلوق ، ومن قال بخلق اللفظ بالقران يريد به القران فقد قال بخلق القران.
• ويقولون انه لاخلق الحقيقة الا الله وان الاكتساب العباد كلها مخلوقة لله ، وان الله يهدى من يشاء ، ويضل من يشاء ، لاحجة لمن اضلّه الله عزّ وجلا ولاعذر ، كما قال الله عزّوجل : ( - الانعام : ١٤٩ ) وقال : ( • - الاعراف : ٢٩-٣٠) ، ( • - الاعراف : ١٧٩ ) وقال : ( - الحديد : ٢٢ ) ومعنى (نبرأها ) : نخلقها بلا خلاف فى اللغة .
• ويقولون ان الخير والشر والحلوّ والمرّ بقضاء من الله عزّ وجل امضاه وقدره ، لايمنكون لانفسهم ضرّ ولا نفعا الا ما شاء الله.
• ويقولون ان الايمان قول وعمل و معرفة يريد بالطاعة وينقص بالمعصية ومن كثرت طاعته ازيد ايمانا ممن هو دونه فى الطاعة.
• ويعتقدون جواز الرأية من العباد المتفين لله عزّ وجل فى القيامة دون الدنيا ، و وجوبها لمن جاء على ذلك ثوابا له بالاخرة كما قال و ووحويها لمن جعل ثوابا له فى الاخرة كما قال : ( - القيامة : ٢٢ ) وقال فى الكفّار : ( • - المظفّفين : ١٥ ) فلو كان المؤمن كلهم يرونهم والكافر كلهم لا يرونهوم كانوا ياجماعهم عنه محجوب.
والله اعلم بالصواب
المراجع
• مصطفى بن محمد بن مصطفى, أصول وتاريخ الفــرق الإسـلاميـة (مصر: مكتبة مشكاة الإسلامية: 1424 هـ - 2003 م)
• أبي الفتح محمد عبد الكريم الشهرستاني, الملل والنحل (بيروت: دار الفكر, 2005م)
• عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي, الفرق بين الفرق (بيروت: دار المعرفة)
• للشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله ، منهج الأشاعرة في العقيدة ، (مصر: مكتبة مشكاة الإسلامية)
• الإمام محمد أبو زهرى, تاريخ المذاهب الإسلامية (القاهرة: دار الفكر العربي, 1996م)
• Abdul Rozak, Rosihon Anwar, Ilmu Kalam (Bandung: Pustaka Setia kawan, 2006, cet.II)
• Tim Karya Ilmiyah Santri Lirboyo 2008, Aliran-Aliran Teologi Islam, (Kediri: Lirboyo, 2008, cet.1)
المقدم
الحمد لله الذي خلق السماوات وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون , وصلى الله وسلم على رسوله المبعوث رحمة للعالمين ، الذي أوضح الحجة وأبان المحجة وترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.. أما بعد :
فإن التفرق في الدين والتخاصم في رب العالمين سنة الأمم قبلنا وواقع حالنا بعدهم ، وقد كانت أول فرقة مرقت من الدين وشقت صفوف المسلمين هي ( الخوارج ) . وإنما كان ضلالها حينئذ في مسألة الإيمان ؛ إذ كفرت المسلمين بالذنوب ، واستحلت دمائهم وأموالهم ، ثم تتابعت الفتن وظهرت الفرق ، وكلما ظهرت البدع وانتقـصت الطاعات وارتكـبت المحرمات ازداد حال الأمة تفرقاً وذلاً وضلالاً.
هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ربى أصحابه على التسليم والاتباع والسمع والطاعة ، فلا تقديم بين يدي الله ورسوله ، ولا اعتراض على أمره ، ولا تولي عن طاعته، فكانوا خير أصحاب وحواريين كما كان نبيهم صلى الله عليه وسلم خير نبي ورسول .
آمنوا بالله ورسوله الإيمان الصادق الحي الذي أثنى الله تعالى عليهم به في كتابه ، وما عرفوه فلسفة ولا نظريات ولا جدلاً ، وإنما هو الطاعة في المنشط والمكره ، والصبر في الرخاء والشدة ، والجهاد بكل معنى من معاني الجهاد.
لم يزل هذا الإيمان يكمل ويزداد من زمن الاضطهاد والحصار بمكة ، إلى أحداث أحد والخندق بالمدينة ، إلى أيام مؤتة وحنين وتبوك ، حتى استقامت نفوسهم وزكت قلوبهم وصلحت أعمالهم ، فما قبض الله تعالى صفيه من خلقه إلا وقد صاروا أهلاً لحمل الأمانة وإبلاغ الرسالة والقيام بأمر هذا الدين كله .
فاجتثوا خبث المرتدين ، ثم ثنوا بالدولتين العظمتين فركبوا إليها البر الأجرد والبحر الأخضر ، وما كانت إلا سنوات معدودات حتى أنفقت كنوز كسري وقيصر في سبيل الله عز وجل ، وأصبحت الظعينة تسير من خراسان إلى الأندلس لا تخاف إلا الله، ودفع ملوك الهند والصين الجزية لأتباع خاتم المرسلين ، وخمدت نار المجوسية وخنست النواقيس والصلبان إلى غياهب أوروبا الهمجية ، وظهر أمر الله وأعداؤه كارهون .
كما أشكر للجامعة معهد العلى هاشم الاشعرى، مما أتيح لي من فرصة لطلب العلم ، وأخص بالشكر الأخوة العاملين بمركز البحث العلمي، وكذا كل من قدم لي خدمة ، أو أسدى إلى توجيهات من الأساتذة الكرام أو الأخوة الزملاء.
والحمد لله أولاً وآخراً
فهرس
المقدم.......................................................................................................................1
الحسن الأشعري و الأشاعرة.................................... ..................................................2
ظهور الأشاعرة.....................................................................................................2
أبو الحسن الأشعرى...................................................................................................2
النشأة.......................................................................................................................4
الإنتشار....................................................................................................................5
الافكار العقائدية.........................................................................................................6
مصدر التلقي .........................................................................................................6
الإيمان...................................................................................................................13
القرآن....................................................................................................................14
افعال العباد.............................................................................................................16
رأية الله..............................................................................................................18
المراجع
فهرس
المقدم.......................................................................................................................ii
فهرس.....................................................................................................................iii
الحسن الأشعري و الأشاعرة.................................... ..................................................1
ظهور الأشاعرة.....................................................................................................1
أبو الحسن الأشعرى...................................................................................................1
النشأة.......................................................................................................................4
الإنتشار....................................................................................................................5
الافكار العقائدية.........................................................................................................7
مصدر التلقي ..........................................................................................................9
الإيمان...................................................................................................................15
القرآن....................................................................................................................14
افعال العباد.............................................................................................................16
رأية الله...............................................................................................................21
المراجع..................................................................................................................23
الحسن الأشعري و الأشاعرة
. ظهور الأشاعرة
ظهرت الأشعرية بعد أن تنفس الناس الصعداء من سيطرة المعتزلة فى القرن الثالث الهجرى.
وهى فى الأصل نسبة إلى أبى الحسن الأشعرى، ظهر بالبصرة وكان أول أمره على مذهب المعتزلة ثم تركه واستقل عنهم، ولقد أصبح الانتساب إلى الأشعرى هو ما عليه أكثر الناس فى البلدان الإسلامية.
بعضهم على معرفة بمذهبه الصحيح وآرائه التى استقر عليها أخيراً، وبعضهم على جهل تام بذلك وبعضهم يتجاهل ويصر على مخالفته مع انتسابه إليه.
وانتساب الأشاعرة إليه إنما هو بعد تركه للاعتزال وانتسابه إلى ابن كلاب، وهى المرحلة الثانية من المراحل التى مر بها الأشعرى، ولم يدم فيها إذ رجع إلى مذهب السلف، ولكن بعض الأشاعرة ينتسبون إليه ولكن فى مرحلته الثانية، ومن انتسب إليه فى مرحلته الثالثة فقد وافق السلف، ونذكر فيما يلى نبذة موجزة عنه.
أبو الحسن الأشعرى
هو على بن إسماعيل الأشعرى ينتسب إلى أبى موسى الأشعرى، وهو أحد علماء القرن الثالث، تنتسب إليه الأشعرية، ولد فى البصرة سنة ١٥٠هـ وقيل: سنة ٢٧٠هـ وتوفى سنة ٣٣٠هـ على أحد الأقوال.
تعمق أولاً فى مذهب المعتزلة وتتلمذ على أبى على الجبائى محمد بن عبد الوهاب أحد مشاهير المعتزلة، إلا أن الله أراد له الخروج عن مذهبهم والدخول فى مذهب أهل السنة والجماعة، وتوج ذلك بما سجله فى كتابه "الإبانة عن أصول الديانة".
ومما يذكر عن سيرته أنه كان دائماً يتململ من اختلاف الفرق فى وقته وينظر فيها بعقل ثاقب، فهداه الله إلى الحق واقتنع بما عليه السلف من اعتقاد مطابق لما جاء فى القرآن والسنة النبوية فكان له موقف حاسم فى ذلك.
ومما يدل على ذكائه وطلبه للحق وإفحامه لخصمه فى المحاجة أنه سأل أستاذه( ) أبا على الجبائى عن ثلاثة أخوة كان أحدهم مؤمناً براً تقياً. والثانى كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائى: أما الزاهد ففى الدرجات، وأما الكافر ففى الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة.
فقال الأشعرى: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائى: لا لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعاته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعرى: فإن قال: ذلك التقصير ليس منى فإنك ما أبقيتنى ولا أقدرتنى على الطاعة، فقال الجبائى: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعرى: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالى فلم راعيت مصلحته دونى؟ فانقطع الجبائى.
لقد كان الأشعرى إماماً فذاً كثير التأليف واسع الاطلاع محبباً إلى الناس، ولهذا تجد أن كل طائفة تدعى نسبته إليها "فالمالكى يدعى أنه مالكى، والشافعى يزعم أنه شافعى، والحنفى كذلك"( ).
ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل :
- المرحلة الأولى : عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .
- المرحلة الثانية : ثار فيها على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه ، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً ، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه ، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل : الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .
- المرحلة الثالثة : إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل ، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل . ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدر بثمانية وستين مؤلفاً ، توفي سنة ٣٢٤هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته : " اليوم مات ناصر السنة " .
- بعد وفاة أبو الحسن الأشعري ، وعلى يد أئمة المذهب وواضعي أصوله وأركانه ، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور ، تعددت فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده , من أبرز مظاهر ذلك التطور :
- القرب من أهل الكلام والاعتزال .
- الدخول في التصوف ، والتصاق المذهب الأشعري به .
- الدخول في الفلسفة وجعلها جزء من المذهب
تعمق أولاً فى مذهب المعتزلة وتتلمذ على أبى على الجبائى محمد بن عبد الوهاب أحد مشاهير المعتزلة، إلا أن الله أراد له الخروج عن مذهبهم والدخول فى مذهب أهل السنة والجماعة، وتوج ذلك بما سجله فى كتابه "الإبانة عن أصول الديانة".
ومما يذكر عن سيرته أنه كان دائماً يتململ من اختلاف الفرق فى وقته وينظر فيها بعقل ثاقب، فهداه الله إلى الحق واقتنع بما عليه السلف من اعتقاد مطابق لما جاء فى القرآن والسنة النبوية فكان له موقف حاسم فى ذلك.
ومما يدل على ذكائه وطلبه للحق وإفحامه لخصمه فى المحاجة أنه سأل أستاذه( ) أبا على الجبائى عن ثلاثة أخوة كان أحدهم مؤمناً براً تقياً. والثانى كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائى: أما الزاهد ففى الدرجات، وأما الكافر ففى الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة.
فقال الأشعرى: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائى: لا لأنه يقال له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بطاعاته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعرى: فإن قال: ذلك التقصير ليس منى فإنك ما أبقيتنى ولا أقدرتنى على الطاعة، فقال الجبائى: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعرى: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالى فلم راعيت مصلحته دونى؟ فانقطع الجبائى.
لقد كان الأشعرى إماماً فذاً كثير التأليف واسع الاطلاع محبباً إلى الناس، ولهذا تجد أن كل طائفة تدعى نسبته إليها "فالمالكى يدعى أنه مالكى، والشافعى يزعم أنه شافعى، والحنفى كذلك"( ).
النشأة
كان أبو الحسن الأشعري في نشأته الأولى معتزليا يأخذ المذهب عن الجبّائي، وما لبث أن عارض شيخه فأسس مذهبا مستقلا انتصر فيه بالأساليب الكلامية لأهل السنة خصوصا في المسائل المتعلقة بخلق القرآن والقضاء والقدر. ذكر ابن عساكر أن أبا الحسن الأشعري اعتزل الناس مدة خمسة عشر يوما، وتفرغ في بيته للبحث والمطالعة، ثم خرج إلى الناس في المسجد الجامع، وأخبرهم أنه انخلع مما كان يعتقده المعتزلة، كما ينخلع من ثوبه، ثم خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه الجديدة للناس. وقد نال لذلك منزلة عظيمة بين الناس، وكثر أنصاره مؤيدوه من حكام وعلماء، ولقّبه بعض أهل عصره بإمام السنة والجماعة
علمنا فيما مضى أن الأشعرى كان على مذهب المعتزلة ومن العارفين به، وأنه أقام عليه مدة أربعين سنة، ومما يذكره العلماء عن سيرته ورجوعه عن الاعتزال ومذهب ابن كلاب إلى المذهب الحق، أنه مكث فى بيته خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الناس وفى نهايتها خرج فى يوم جمعة، وبعد أن انتهى من الصلاة صعد المنبر وقال مخاطباً من أمامه من جموع الناس:
"أيها الناس، من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفنى فأنا أعرفه بنفسى أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وأن الله تعالى لا يُرى بالأبصار، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع متصد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم.
معاشر الناس إنما تغيبت عنكم هذه المدة، لأنى نظرت فتكافأت عندى الأدلة ولم يترجح عندى شئ على شئ فاستهديت الله تعالى فهدانى إلى اعتقاد ما أودعته كتبى هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقد كما انخلعت من ثوبى هذا"، وانخلع من ثوب كان عليه ودفع للناس ما كتبه على طريقة الجماعة من الفقهاء والمحدثين( ).
وحينما انضم إلى أهل السنة والجماعة، فرحوا به فرحاً شديداً، واحترموه وعرفوا قدره وإخلاصه وتوجهه إلى الحق بيقين ثابت، وصارت أقواله حجة وآراؤه متبعة، بينما ثار عليه أهل الاعتزال وذموه بأنواع الذم غيظاً عليه، لوقوفه فى وجوههم وإبطال آرائهم المخالفة للحق وتركه لمذهبهم، خصوصاً وأنه كان من المتعمقين فى مذهبهم والعارفين بعواره.
ومما ينبغى ملاحظته أن ينتبه طالب العلم إلى تمويه المغرضين ممن يزعم أن الأشعرى لم يتب عن الاعتزال، وأن الإبانة مدسوسة عليه، وهو كذب وليس له ما يسنده، بل الصحيح الذى عليه عامة علماء السلف أن الأشعرى رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة وتاب من كل ما يخالفه، كما صرح بذلك فى كتبه كالإبانة وغيرها من مؤلفاته النافعة( ).
الإنتشار
في المشرق انتشر مذهب الأشعري في عهد دولة السلاجقة وبالتحديد في عهد وزارة نظام الملك الذي اهتم ببناء المدارس وربط المساجد ببعضها والذي كان يرفع من شأن العلماء، وقد تم تدريس المنهج الأشعري في مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي وقتها. ، فلم تأت الحروب الصليبية إلا وكان المذهب الأشعري قد ساد المشرق بشكل غير مسبوق، فلما قضى السلطان صلاح الدين على دولة الفاطميين في مصر قام بتحويل الأزهر التي كانت على مذهب الإسماعيلية الشيعة المفروض من الفاطميين إلى مذهب أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة في العقيدة والذي كان سائداً ومنتشراً في ذلك الوقت.
أما في بلاد المغرب العربي فإن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين كان وطيد الصلة مع علماء الأشاعرة فابن رشد الجد (الملقب بشيخ المالكية) وهو من الأشاعرة كان قاضي القضاة زمن المرابطين ، وأبي عمران الفاسي الذي يعتبره بعض الباحثين من الأشاعرة ، كما أن أبو بكر بن العربي وهو من أهم علماء المالكية وممن كان يعتمد عليهم ابن تاشفين كان من تلاميذ الغزالي الذي كان أهم علماء المشرق في ذاك العصر ومن المعلوم أن الغزالي من كبار علماء الأشاعرة، وهناك من يرى أن محمد بن تومرت الذي أسقط دولة المرابطين وأسس دولة الموحدين على أنقاضها هو من أدخل أفكار الأشاعرة إلى المغرب العربي، إلا أنه مما يقوي الطرح الأول أن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين، عندما عزم على الدخول إلى الأندلس قام باستشارة أبو حامد الغزالي أحد أهم أئمة الأشاعرة، وهذا لا ينفي أن تدريس المنهج الأشعري ازدهر بعد سقوط دولة المرابطين، فنظراً إلى أن المغرب الإسلامي لم يشهد فرقاً فكرية متنوعة كالتي شهدها المشرق فإن هذا جعل أهل المغرب يعتنون بفروع الدين وبالأخص الفقه دون الأصول كالعقيدة وذلك لعدم وجود تنازع كالذي حصل في المشرق بين الأشاعرة وأهل الحديث من جهة والمعتزلة من جهة أخرى،
بينما أكد بعض علماء الأشاعرة أن المغرب الإسلامي ظل على معتقد أهل الحديث حتى زمن دولة المرابطين الذين أظهروا هذا المعتقد وحاربوا الفرق والعقائد الكلامية وأمروا بكتب الغزالي فاحرقت ثم خرج عليهم محمد بن تومرت داعياً إلى المعتقد الأشعري، وكفر المرابطين بدعوى أنهم مجسمة ومشبههة، وسمى أتباعه الموحدين تعريضاً بهم واستباح بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم حتى قضى أتباعه من بعده على دولة المرابطين وأسسوا دولة الموحدين على أنقاضها متبنين منهج الأشاعرة، وظل المعتقد الأشعري هوالسائد عندهم حتى يومنا هذا
بعد أن استقر المغرب وانطفأت فيه الفتن بدأت حواضر علمية عدة في تبنّي منهجية تعليمية تنافس نظيراتها في المشرق ومن بين المناهج التي اعتمدت كان منهج الأشاعرة في العقيدة ومن أبرز أعلامه في المغرب الإسلامي الطّرطوشي، والمازري، والباجي، والقاضي عياض، والقرطبي، والقرافي، والشّاطبي وابن عاشر وأحمد زروق والسنهوري
الافكار العقائدية
مصدر التلقي:
أ- مصدر التلقي عند الأشاعرة هو العقل ، وقد صرح الجويني والرازي والبغدادي والغزالي والآمدي والأيجي وابن فورك والسنوسي وشراح الجوهرة وسائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض ، وعلى هذا يرى المعاصرون منهم ، ومن هؤلاء السابقين من صرح بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر وبعضهم خففها فقال هو أصل الضلالة .
ولضرورة الاختصار أكتفي بمثالين مع الإحالة إلى ما في الحاشية لمن أراد المزيد :
الأول : وضع الرازي في أساس التقديس القانوني الكلي للمذهب في ذلك فقال : الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف يكون الحال فيها ؟
اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة :
أ. إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال .
ب. وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال .
ج. وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل .
لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على محمد صلى الله عليه وسلم .
ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول ، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة .
فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل .ه
ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية – القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة ، أو يقال أنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها .
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر التأويلات على التفصيل ، وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى ، فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق.
الثاني : يقول السنوسي ( ت ٨٨٥ ) في شرح الكبرى :
وأما من زعم أن الطريق بدأ إلى معرفة الحق الكتاب والسنة ويحرم ما سواهما فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي ، وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقادها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع.
ب- صرح – متكلموهم – ومنهم من سبق في فقرة أن نصوص الكتاب والسنة ظنية الدلالة ولا تفيد اليقين إلا إذا سلمت من عشر عوارض منها : الاضمار والتخصيص والنقل والاشتراك والمجاز … الخ ، وسلمت بعد هذا من المعارض العقلي ، بل قالوا : من احتمال المعارض العقلي !!
ج- موقفهم من السنة خاصة أنه لا يثبت بها عقيدة ، بل المتواتر منها يجب تأويله وأحادها لا يجب الاشتغال بها حتى على سبيل التأويل ، حتى إن إمامهم الرازي قطع بأن رواية الصحابة كلهم مظنونة بالنسبة لعدالتهم وحفظهم سواء ، وأنه في الصحيحين أحاديث وضعها الزنادقة … إلى آخر ما لا استجيز نقله لغير المتخصين ، وهو في كتابه أساس التقديس والأربعين .ه
د- تقرأ في كتب عقيدتهم قديمها وحديثها المائة صفحة أو أكثر فلا تجد فيها آية ولا حديثاً ، لكنك قد تجد في كل فقرة (( قال الحكماء )) أو (( قال المعلم الأول )) أو (( قالت الفلاسفة ونحوها .
هـ- مذهب طائفة منهم وهم صوفيتهم – كالغزالي والحامي – في مصدر التلقي هو تقديم الكشف والذوق على النص وتأويل النص ليوافقه ، وقد يصححون بعض الأحاديث ويضعفونها حسب هذا الذوق ، كحديث إسلام أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ودخولهما الجنة بزعمهم ، ويسمون هذا العلم اللدني )) جرياً على قاعدة الصوفية (( حدثني قلبي عن ربي.
الثاني : إثبات وجود الله :
الكون والنفس والآثار والآفاق والوحي أجل من الحصر ، ففي كل شيء له آية وعليه دليل .
أما الأشاعرة فعندهم دليل يتيم هو دليل الحدوث والقدم وهو الاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث وكل حادث فلابد من محدث قديم ، وأخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس جوهراً ولا عرضاً ولا جسماً ولا في جهة ولا مكان … الخ ، ثم أطالوا جداً في تقرير هذه القضايا هذا وقد رتبوا عليه من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت العدو مثل إنكارهم لكثير من الصفات كالرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم ونفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية … إلى آخر المصطلحات البدعية التي جعلوا نفيها أصولاً وأنفقوا الأعمار والمداد في شرحها ونفيها ، ولو أنهم قالوا الكون مخلوق وكل مخلوق لابد له من خالق لكان أيسر وأخصر مع أنه ليس الدليل الوحيد ولكنهم تعمدوا موافقة الفلاسفة حتى في ألفاظهم.
التوحيد
التوحيد عند أهل السنة والجماعة معروفة بأقسامه الثلاثة وعندهم أول واجب على المكلف ، أما الأشاعرة قدماؤهم ومعاصروهم فالتوحيد عندهم هو نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي حسب تعبيرهم نفي الكمية المتصلة والكمية المنفصلة ومن هذا المعنى فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع وأنكروا بعض الصفات كالوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم .
أما التوحيد الحقيقي وما يقابله من الشرك ومعرفته والتحذير منه فلا ذكر لها في كتب عقيدتهم إطلاقاً ولا أدري أين يضعونه أفي كتب الفروع ؟ فليس فيها أم يتركونه بالمرة فهذا الذي أجزم به .ه
أما أول واجب عند الأشاعرة فهو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر أو .. إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه ، أيحكم له بالإسلام أم بالكفر ؟!
وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته ، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله ونقل أقوالاً كثيرةً في الرد عليهم وإن لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول.
- فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع ، وبذلك جعلوا التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته مع تأويل أكثر صفاته جل وعلا. وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد أول واجب على العبد هو إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل .
- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أولوا أكثر نصوص الإيمان.
أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه ، سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها.
حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى، ... فذكر الحديث وقال: فقال رسول الله : "أيها الناس: إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريباً".
خرجت طرق هذا الخبر في كتاب: الذكر والتسبيح.
قال أبوبكر: فاسمعوا يا ذوي الحجا ما نقول في هذا الباب ونذكر بهت الجهمية وزورهم، وكذبهم على علماء أهل الآثار ورميهم خيار الخلق بعد الأنبياء بما الله قد نزههم عنه، وبرأهم منه، بتزوير الجهمية على علمائنا (أنهم مشبهة، فاسمعوا ما أقول وأبين من مذاهب علمائنا)، تعلموا وتستيقنوا بتوفيق خالقنا أن هؤلاء المعطلة يبهتون العلماء ويرمونهم بما الله نزههم عنه.
نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات العلى، وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأرضين السبع، ولا مما بينهم ولا فوقهم، ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه.
وبنو آدم وإن كانت لهم عيون يبصرون بها فإنهم إنما يرون ما قرب من أبصارهم، مما لا حجاب ولا ستر بين المرئي وبين أبصارهم، وما يبعد منهم وإن كان يقع اسم القرب عليه في بعض الأحوال، لأن العرب التي خوطبنا بلغتها قد تقول: قرية كذا منا قريبة وبلدة كذا قريبة منا ومن بلدنا، ومنزل فلان قريب منا. وإن كان بين البلدين وبين القريتين وبين المنزلين فراسخ.
والبصير من بنى آدم لا يدرك ببصره شخص آخر، من بني آدم، وبينهما فرسخان فأكثر، وكذلك لا يرى أحد من الآدميين ما تحت الأرض إذا كان فوق المرئي من الأرض والتراب قدر أنملة، أو أقل منها بقدر ما يغطي ويواري الشيء، (وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجاب من حائط أو ثوب، صفيق أو غيرهما مما يستر الشيء) عن عبن الناظر، فكيف يكون يا ذوي الحجا مبها من يصف عين الله بما ذكرنا، وأعين بني آدم بما وصفنا.
ونزيد شرحاً وبياناً: نقول: عين الله (عز وجل) قديمة، لم تزل، باقية، ولا تزال محكوم لها بالبقاء، منفي عنها الهلاك، والفناء، وعيون بني آدم محدثة مخلوقة، كانت عدماً غير مكونة الله وخلقها بكلامه الذي هو: صفة من صفات ذاته، وقد قضى الله وقدر أن عيون بني آدم تصير إلى بلاء، عن قليل والله نسأل خير ذلك المصير وقد يعمي الله عيون كثير من الآدميين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم، ولعل كثيراً من أبصار الآدميين قد سلط خالقنا عليها ديدان الأرض حتى تأكلها وتفنيها بعد نزول المنية بهم، ثم ينشئها الله بعد، فيصيبها ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه، (فما الذي يشبه يا ذوى الحجا عين الله التي هي موصوفة بما ذكرنا عيون بني آدم التي وصفناها بعد)؟
ولست أحسب: لو قيل لبصير- لا آفة ببصره ولا علة بعينه، ولا نقص، بل هو أعين، أكحل، أسود الحدق، شديد بياض العينين أهدب الأشفار: عينك كعين فلان، الذي هو: صغير العين، أزرق، أحمر بياض العينين، قد تناثرت أشفاره، وسقطت، أو كان أخفش العين، أزرق، أحمر بياض شحمها، يرى الموصوف الأول: الشخص من بعيد، ولا يرى الثاني مثل ذلك الشخص من قدر عشر ما يرى الأول، لعلة في بصره، أو نقص في عينه، إلا غضب من هذا وأنف منه، فلعله يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشتم والأذى.
ولست أحسب عاقلاً يسمع هذا المشبه عيني أحدهما بعيني الآخر، إلا وهو يكذب هذا المشبه عين أحدهما بعين الآخر، ويرميه بالعته، والخبل والجنون، ويقول له: لو كنت عاقلاً يجري عليك القلم: لم تشبه عيني أحدهما بعيني الآخر. وإن كانا جميعاً يسميان بصيرين، إذ ليسا بأعميين، ويقال: لكل واحد منهما عينان يبصر بهما، فكيف لو قيل له: عينك كعين الخنزير، والقرد، والدب، والكلب، أو غيرها من السباع، أو هوام الأرض، والبهائم، فتدبروا –يا ذوى الألباب- أبين عيني خالقنا الأزلي، الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال، وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر أو مما بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا؟
تعلموا (وتستيقنوا أن من سمى علماءنا مشبهة) غير عالم بلغة العرب، ولا يفهم العلم، إذ لم يحز تشبيه أعين بني آدم بعيون) المخلوقين، من السباع والبهائم، والهوام، وكلها لها عيون يبصرون بها، وعيون جميعهم محدثة مخلوقة، خلقها الله بعد أن كانت عدما، وكلها تصير إلى فناء وبلى، وغير جائز إسقاط اسم العيون والأبصار عن شيء منها، فكيف يحل لمسلم لو كانت الجهمية من المسلمين أن يرموا من {يثبت لله عينا بالتشبيه، (فلو كان كل ما وقع} عليه الاسم كان مشبها لما يقع عليه ذلك الاسم)، لم يحز قراءة كتاب الله، ووجب محو كل آية بين الدقتين فيها ذكر نقس الله، أو عينه، أو يده، ولوجب الكفر بكل ما في كتاب الله (عز وجل) من ذكر صفات الرب، كما يجب الكفر بتشبيه الخالق بالمخلوق، إلا: أن القوم جهلة، لا يفهمون العلم، ولا يحسنون لغة العرب، فيضلون ويضلون.
والله نسأل العصمة والتوفيق والرشاد في كل ما نقول وندعو إليه.
قال: وهذه الصفات أزلية قائمة بذاته تعالى لا يقال: هي هو ولا: هي غيره ولا: لا هو ولا: لا غيره.
والدليل على أنه متكلم بكلام قديم ومريد بإرادة قديمة: أنه قد قام الدليل على أنه تعالى ملك والملك من له الأمر والنهي فهو آمر نله فلا يخلو: إما أن يكون آمراً بأمر قديم أو بأمر محدث وإن كان محدثاً فلا يخلو: إما أن يحدثه في ذاته أو في محل أو لا في محل.
ويستحيل أن يحدثه في ذاته لأنه يؤدي إلى أن يكون محلاً للحوادث وذلك محال ويستحيل أن يحدثه في محل لأنه يوجب أن يكون المحل به موصوفاً ويستحيل أن يحدثه لا في محل لان ذلك غير معقول فتعين أنه: قديم قائم به صفة له.
ومن وافقهم قال أبو محمد وأما الأحوال التي ادعتها الأشعرية فإنهم قالوا أن هاهنا أحوالاً ليست حقاً ولا باطلاً ولا هي مخلوقة ولا غير مخلوقة ولا هي موجودة ولا معدومة ولا هي معلومة ولا هي مجهولة ولا هي أشياء ولا هي لا أشياء و قالوا من هذا علم العالم بأن له علماً ووجوده لوجوده و قالوا فإن قلتم أن لكم علماً بأن لكم علماً بالباري تعالى وبما تعلمونه وأن لكم وجوداً لوجودكم ما تجدونه سألناكم ألكم علم بعلمكم بأن لكم علماً وهل لكم وجود لوجودكم وجودكم ما تجدونه فإن أقررتم بذلك لزمكم أن تسلسلوا هذا أبداً إلى ما لا نهاية له ودخلتم في قول أصحاب معمر والدهرية.
وإن منعتم من ذلك سئلتم عن صحة الدليل على صحة منعكم ما منعتم من ذلك وصحة إيجابكم ما أوجبتم من ذلك وكذلك قالوا في قدم القديم وحدث المحدث وبقاء الباقي وفناء الفاني وظهور الظاهر وخفاء الخافي وقصد القاصد ونية الناوي وزمان الزمان وما أشبه ذلك.
و قالوا لو كان للباقي بقاء ولبقاء الباقي بقاء وهكذا أبداً إلى ما لا نهاية له قالوا فهذا يوجب وجود أشياء لا نهاية لها وهذا محال وهكذا قالوا في قدم القديم وقد قدمه وقدم قدم قدمه إلى ما لا نهاية له وفي حدوث المحدث وحدث حدثه وحدث حدث حدثه إلى ما لا نهاية له وهكذا قالوا في زمان الزمان وزمان زمان الزمان إلى ما لا نهاية وفي فناء الفاني وفناء فنائه وفناء فناء فنائه إلى ما لا نهاية له وكذلك ظهور الظاهر وظهور ظهوره وظهور ظهور ظهوره إلى ما لا نهاية له وكذلك القصد والقصد إلى القصد والقصد إلى القصد إلى القصد وهكذا إلا ما لا نهاية له وكذلك النية والنية للنية والنية للنية للنية إلى ما لا نهاية له وكذلك تحقيق الحق وتحقيق تحقيق الحق إلى ما لا نهاية له.
قال أبو محمد: أفكار السوء إذا ظن صاحبها أنه يدقق فيها فهي أضر عليه لأنها تخرجه إلى التخليط الذي ينسبونه إلى السوفسطائية وإلى الهذيان المحض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
أما العدم فإنه من صفات الزمن ومن فيه تقول ملك أقدم من ملك وزمان أقدم من زمان وشيخ أقدم من شيخ أي أنه متقدم بزمانه عليه والزمان متقدم بذاته على الزمان ليس في العالم قدم قديم الأزماني هذا هو حكم اللغة التي لا يوجد فيها غيره أصلاً فالقدم هو التقدم والتقدم متقدم بنفسه على غيره فقط لأن القدم موجود معلوم وهي صفة المتقدم فلا يجوز إنكاره وأما قدم القديم فباطل لأنه لم يأت به نص ولا قام بوجوده دليل وما كان هكذا فهو باطل وأما وجود الموجود فبضرورة الحس أن الموجود حق وأنه يقتضي واجداً وأن الواجد يقتضي وجوداً لما وجد هو فعل الواجد وصفته فهو حق لما ذكرنا ووجود الواجد يوجد بذاته لا بوجود هو غيره لأن وجود الوجود لم يأت به نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما الباري عز وجل فإنه يجد نفسه ويعلمها ويجد ما دونه ويعلمه بذاته لا بوجود هو غيره ولا بعلم هو غيره فقط وكذلك العالم منا يقتضي علماً ولا بد هو فعل العالم وصفته المحمولة فيه عرضاً بيقين ويزيد ويذهب ويثبت أطواراً هذا ما لا شك فيه والعالم منا يعلم أنه يحمل علماً بعلمه ذلك لا بعلم هو غير علمه لأن العالم بالعلم لم يوجب وجوده نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وكذلك الباقي مثاله بلا شك والبقاء هو اتصال وجوده مدة بعد مدة وهذا معنى صحيح لا يجوز أن ينكره عاقل فإما بقاء البقاء فلم يأت بإيجاب وجود نص ولا قام به برهان وما كان هكذا فهو باطل ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالبقاء ولا أنه باق كما لا يوصف بالخلد ولا بأنه خالد ولا بالدوام ولا بأنه دائم ولا بالثبات ولا بأنه ثابت ولا بطول العمر ولا بطول المدة لأن الله عز وجل لم يسم نفسه بشيء من ذلك لا في القرآن ولا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قال ه قط أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا قام به برهان بل البرهان قام ببطلان ذلك لأن كل ما ذكرنا من صفات المخلوقين ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بشيء من صفات المخلوقين إلا أن يأتي نص بأن يسمي باسم ما فيوقف عنده ولأن كل ما ذكرنا أعراض فيما هو فيه والله تعالى لا يحمل الأعراض وأيضاً فإنه عز وجل لا في زمان ولا يمر عليه زمان ولا هو متحرك ولا ساكن لكن ي قال لم يزل الله تعالى ولا يزال وأما الفناء فإنه مدة للعدم تعدها أجزاء الحركات والسكون ولا يجوز أن تكون للمدة مدة لكنها مدة في نفسها ولنفسها فالقول بالزمان حق لأنه محسوس معلوم وأما القول بزمان الزمان فهو شيء لم يأت به نص ولا قام بحصته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما ظهور الظاهر فهو متيقن معلوم والظهور صفة الظاهر وفعله تقول ظهر يظهر ظهوراً والظهور معلوم ظاهر بنفسه ولا يجوز أن ي قال أن للظهور ظهوراً لأنه لم يأت به نص ولا قام بصحته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما خفاء الخافي فهو عدم ظهوره والعدم ليس شيئاً كما قدمنا وأما القصد إلى الشي والنية له فإنما هما فعل القاصد والناوي وإرادتهما الشيء والقول بهما واجب لأنهما موجودات بالضرورة يجدهما كل أحد من نفسه ويعلمهما من غيره علماً ضرورياً وأما القصد إلى القصد والنية للنية فباطل لأنه لم يأت به نص ولا أوجبهما دليل وما كان هكذا فهو باطل والقول به لا يجوز فهذا وجه البيان فيما خفي عليهم حتى أتوا فيه بهذا التخليط والحمد لله رب العالمين.
الإيمان
الأشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية أجمعت كتبهم قاطبة على أن الإيمان هو التصديق القلبي ، واختلفوا في النطق بالشهادتين أيكفي عنه تصديق القلب أم لابد منه ، قال صاحب الجوهرة:ه
وفسر الإيمان بالتصديق والنطق به الخلف بالتحقيق
وقد رجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدق بقلبه ناج عند الله وإن لم ينطق بهما ومال إليه البوطي ، فعلى كلامهم لا داعي لحرص النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عمه أبو طالب لا إله إلا الله لأنه لاشك في تصديقه له بقلبه ، وهو من شابهه على مذهبهم من أهل الجنة !!ه
هذا وقد أولوا كل آية أو حديث ورد في زيادة الإيمان ونقصانه أو وصف بعض شعبه بأنها إيمان أو من الإيمان .
ولهذا أطال شيخ الإسلام رحمه الله الرد عليهم بأسمائهم كالأشعري والبلاقلاني والجويني وشراح كتبهم وقرر أنهم على مذهب جهم بعينه ، وفي رسالتي فصل طويل عن هذه القضية فلا أطيل به هنا.
- بين المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين ، ( تبسيط العقائد الإسلامية ٢٩- ٣٢ ) . و مال إليه البوطي ( كبرى اليقينيات ١٩٦ ) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها : ( أم حسب الذين اجترحوا اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون ) . عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كثير .
- الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون : إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر . أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ، ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع
وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من : الحشر والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة والجنة والنار ، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة ، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
- كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطأً وعن اجتهاد منهم ، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ، كما يرون الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .
إن الإسلام أوسع من الإيمان وليس كل إسلام إيمان، وندين بأنه يقلب القلوب وأن القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل( )، وأنه عز وجل يضع السموات على أصبع والأرضين على أصبع( ) كما جاءت الرواية عن رسول الله.
وندين بألا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة ولا ناراً إلا من شهد له رسول الله بالجنة، ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
ونقول: إن الله عز وجل يخرج قوماً من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة محمد رسول الله تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله.
ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض، وأن الميزان حق والصراط حق، والبعث بعد الموت حق، وأن الله عز وجل يوقف العباد فى الموقف ويحاسب المؤمنين.
وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم بالروايات الصحيحة فى ذلك عن رسول الله التى رواها الثقات عدل عن عدل حتى تنتهى إلى الرسول ، وندين( ) بحب السلف الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ونثنى عليهم بما أثنى الله به عليهم ونتولاهم أجمعين.
القرآن
وقد أفردت موضوعه لأهميته القصوى ، وهو نموذج بارز للمنهج الأشعري القائم على التلفيق الذي يسميه الأشاعرة المعاصرون التوفيقية حيث انتهج التوسط بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة في كثير من الأصول فتناقض واضطرب .
فمذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل وسمعه موسى عليه السلام ويسمعه الخلائق يوم القيامة .
ومذهب المعتزلة أنه مخلوق .
أما مذهب الأشاعرة فمن منطلق التوفيقية – التي لم يحالفها التوفيق – فرقوا بين المعنى واللفظ ، فالكلام الذي يثبتونه لله تعالى هو معنى أزلي أبدي قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ولا يوصف بالخبر ولا الإنشاء .
واستدلوا بالبيت المنسوب للأخطل النصراني :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
أما الكتب المنزلة ذات الترتيب والنظم والحروف – ومنها القرآن – فليست هي كلامه تعالى على الحقيقة ، بل هي عبارة عن كلام الله النفسي ، والكلام النفسي شيء واحد في ذاته ، لكن إذا جاء التعبير عنه بالعبرانية فهو توراة وإن جاء بالسريانية فهو إنجيل وإن جاء بالعربية فهو قرآن ، فهذه الكتب كلها مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجاز لأنها تعبير عنه
واختلفوا في القرآن خاصة فقال بعضهم : إن الله خلقه أولاً في اللوح المحفوظ ثم أنزله في صحائف إلى سماء الدنيا فكان جبريل يقرأ هذا الكلام المخلوق ويبلغه لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون : إن الله أفهم جبريل كلامه النفسي وأفهمه جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم فالنزول نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال – لأنهم ينكرون علو الله – ثم اختلفوا في الذي عبر عن الكلام النفسي بهذا اللفظ والنظم العربي من هو ؟ فقال بعضهم : هو جبريل ، وقال بعضهم : بل هو محمد صلى الله عليه وسلم !
واستدلوا بمثل قوله تعالى : ( إنه لقوم رسول كريم ) في سورتي الحاقة والانشقاق حيث أضافه في الأولى إلى محمد صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى إلى جبريل بأن اللفظ لأحد الرسولين جبريل أو محمد وقد صرح الباقلاني بالأول وتابعه الجويني .
قال شيخ الإسلام : وفي إضافته تعالى إلى هذا الرسول تارة وإلى هذا تارة دليل على أنه إضافة بلاغ وأداء لا إضافة أحداث لشيء منه وإنشاء كما يقول بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبريل أو محمد مضاهاة منهم في نصف قولهم لمن قال إنه قول البشر من مشري العرب.
وعلى القول أن القرآن الذي نقرؤه مخلوق سار الأشاعرة المعاصرون وصرحوا ، فكشف بذلك ما أراد شارح الجوهرة أن يستره حين قال : يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم .
. يقول تعالى : (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله))
ان القران كلام الله ، منه بدا بلا كيفية قولا، وانزله على رسوله وحيا ، وصدّقه المؤمنون على ذلك حقا، وايقنوا انه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية .
" قمن سمعه قزعم انه كلام البشر فقد كفر ، وقد دمه الله وعابه واوعده بسقر". حيت قال تعالى (( ساصليه سقر )) – المدسر : ٢٦ .
فلما اوعدالله بسقر لمن قال (( ان هذا قول البشر)) – المدسر : ٢٥
افعال العباد
إن تركيب الإنسان النفسي والعضوي, و واقعه المشهود على مدار التاريخ, وطبيعة الحياة كما خلقها الله تعالى، و "الكبد" الذي خلق الإنسان فيه. و "الكدح" الذي لا ينفك عن بشر لتجيب جميعها بلا .
فالإنسان مع حرصه الفطري العنيد ومع السعي الدائم والحركة اللاهثة المستمرة يشتمل في تركيبه الذاتي على موانع كثيرة تحول بينه وبين استقلاله بذلك، ومنها على سبيل التمثيل "الضعف, الجهل، الظلم، العجلة، النسيان"
{إنه كان ظلموما جهولا} [ الأحزاب : ٧٢ ] .
{وخلق الإنسان ضعيفا} [ الأحزاب : ٢٨ ] .
{خلق الإنسان من عجل} [ الأنبياء : ٣٧ ] .
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} ( )[ طه : ١١٥ ] .
والله تعالى هو وحده الذي يريد الشئ فيكون. {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [ يس : ٨٢ ] .
أما الإنسان فالمسألة بين إرادته الشئ وتحققه له قد تكون من الطول بحيث تستنفذ كل العمر وتستهلك كل الكدح وتبلغ به الغاية من الكبد ، بل قد لا يتحقق له مراده أصلاً مهما كدح وكابد .
وهذه المسافة هي معترك الخواطر والإرادات والانفعالات كما هي معترك العمل والنصب والجهد.
فالبواعث لا تفتر والمطامع لا تقف عند حد, ومع ذلك فالعوارض الباغتة والحوائل المانعة كالسهام المشرعة, حتى إن حصول المراد ليس إلا بداية لمخاوف كثيرة من احتمال فواته أو فوات العمر قبل الاستمتاع به, فالكبد والهم لاستدامته لا يقل عنهما للحصول عليه.
وهكذا يكون القلب البشري كجناح الطائر لا يكاد يقف حتى يرف، ويظل- العمر كله - ميدانا لمتعارضات تتعاوده ومتضادات تنتابه من خوف ورجاء, وحب وكره, واستكبار وانكسار, وغفلة وتذكر, وشك ويقين, وفرح وترح .
وهذه هي أعمال القلوب التي لا ينفك منها قلب بشري قط .
ومنشأ عدم الانفكاك أن الافتقار الذاتي ملازم للوجود الإنساني شامل للحياة كلها ؛ طولا : من لحظة الميلاد - بل من قبله - إلى لحظة الممات , وعرضاً : مهما اتسعت الإرادات والمطامع والأعمال .
ولما كانت أعمال القلوب هي الأصل في حركة الإنسان وسعيه ، كانت موضع التعبد الأصلي , ومحط نظر المعبود من العباد : " التقوى هاهنا - وأشار إلى صدره ثلاث مرات " ( ). " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "( ) .
فإذا تذكرنا ما سبق تقريره من أن الله عز وجل - بلطفه وحكمته - أنزل الدين متسقا مع حقيقة النفس الإنسانية مساويا لفطرتها السوية علمنا أنه لا شيء من أعمال القلوب يقع خارج مجال التعبد بحال من الأحوال .
ومن ثم انقسم الناس من حيث الأصل فريقين :
أ. مؤمن يعبد الله وحده .
ب. مشرك يعبد غير الله معه أو من دونه .
وهذا - كذلك - هو السر في كون الإيمان درجات متفاوتة في قلوب الفريق الأول .
وهذا الإجمال يتضح بالفقرة التالية التي نريد بها العبور من الحقيقة النفسية إلى الحقيقة الشرعية .
إن ما سبق تقريره بشأن الافتقار الذاتي وتفرع أعمال القلوب عنه , هو وصف للحقيقة الإنسانية من حيث هي- مؤمنة أو كافرة - ولهذا نجده مشتركا بين فريقي البشر يحسه كل إنساني في نفسه سواء أعرب عنه لسانه أم عجز .
ولكن نقطة الالتقاء هذه يتفرع عنها طريقان مختلفان تمام الاختلاف - طريق الإيمان وطريق الكفر !
وهذا مثله كمثل عربتين تزودتا بوقود واحد وقادهما قائدان متماثلان في الخبرة والدراية . ولكن إحداهما انطلقت ذات اليمين والأخرى ذات الشمال .
ومن أبرز مظاهر الاختلاف بين المؤمن والكافر بالنظر إلى أن كلا منهما حارث وهمام كادح ومكابد مفتقر إلى غيره :
أ. اختلاف غاية كل منهما ومراده ومحبوبه ( ).
ب. اختلاف الأسباب الوسائط التي يتعلق بها القلب لتحقيق غاياته ومراداته .
ج. الاختلاف في الإقرار بحقيقة الافتقار بين حال وحال .
وكل هذا جاء تفصيله في القرآن والسنة على أكمل الوجوه , وقد جمعتها سورة الفاتحة من كل أطرافها واستوعبت كل معانيها .
رأية الله
وندين بأن الله تعالى يُرَى فى الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله ، ونقول: إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون فى الجنة، كما قال الله عز وجل: ))كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون(( ( )، وإن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل الرؤية فى الدنيا، وإن الله سبحانه وتعالى تجلى للجبل فجعله دكاً فأعلم بذلك موسى أنه لا يراه فى الدنيا، ونرى بألا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنا والسرقة وشرب الخمور، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم كافرون. ونقول: إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنا والسرقة وما أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً.
يبدأ ابن حزم بإيراد أقوال الفرق بهذه المسألة، وعادة ما يكون التقسيم من فريقين: قال أبو محمد: ذهبت المعتزلة وجهم بن صفوان، إلى أن الله عز وجل يرى في الآخرة...... وذهب المجسمة إلى أن الله تعالى يرى في الدنيا والآخرة.
وذهب جمهور أهل السنة والمرجئة، وضرار بن عمرو( ) ، من المعتزلة إلى أن الله يرى في الآخرة، ولا يرى في الدنيا وقال الحسين بن محمد النجار هو جائز لم يقطع به ( ) ، وهكذا يورد ابن حزم آراء المتكلمين في مسألة الرؤية على شكل ملخص موجز، ثم يبدأ بعد ذلك بتفنيد أقوال المخالفين وهم المجسمة والمعتزلة مبيناً إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة: (( بقوة غير القوة الموضوعة في العين الآن، لكن بقوة موهوبة من الله عز وجل )) ( ) ، ثم يورد حجة المعتزلة في ذلك وهي قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (الأنعام : ١٠٣) ، حيث يقول: (( وهذا لا حجة لهم فيه لأن الله تعالى إنما نفى الإدراك عندنا في الله زائد على النظر والرؤية)) ( ) ، ثم يبين معنى الإدراك والرؤية والفرق بينهما، وهذا مبحث لغوي قد أوضحنا أسلوب ابن حزم فيه، وبعد أن ينتهي من ذلك يورد بعض الاعتراضات للمعتزلة منها قول الجبائي( ) أن (( إلى )) في قوله تعالى:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (القيامة : ٢٢ - ٢٣) ، ليست حرف جر لكنها اسم وهي: ( واحدة الآلاء وهي النعم، وهي في موضع مفعول ومعناه نعم ربها منتظرة) ( ) يقول ابن حزم راداً هذه الدعوى: ( هذا بعيد لوجهين ....إلخ) ثم يورد رده المحبك المدعوم بالأدلة، حتى إذا انتهى من ذلك كله بدأ بتقرير الرؤية ورؤية الله تعالى يوم القيامة كرامة للمؤمنين لا حرمنا ذلك الله من فضله ) ( )
الخلاصة
و العقائد الاسلامية عندهم :
• ويعتقدون أنّ الله تعالى مدعوّا ياسمائه ، موصوف بالصفاته التى سمي و وصف بها نفسه و وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم .
• فهو تعالى ذو العلم والقوة والقدرة والسمع واليصر والكلام ، كما قال الله نعالى :
( - طه : ٣٩ ) ، ( - هود : ٣٧ ) وقال ( - توبة : ٦ ) ، ( - النساء : ١٦٤ ) ، ( - النحل : ٤٠ )
• ويقولون انّ القران كلام الله غير مخلوق ، وانه كيفما تصرّف ، بقراءة القارى له وبلفظه و محفوظا فى الصدور ، متلوّا بالالسن ، مكتوبا فى المصاحف غير مخلوق ، ومن قال بخلق اللفظ بالقران يريد به القران فقد قال بخلق القران.
• ويقولون انه لاخلق الحقيقة الا الله وان الاكتساب العباد كلها مخلوقة لله ، وان الله يهدى من يشاء ، ويضل من يشاء ، لاحجة لمن اضلّه الله عزّ وجلا ولاعذر ، كما قال الله عزّوجل : ( - الانعام : ١٤٩ ) وقال : ( • - الاعراف : ٢٩-٣٠) ، ( • - الاعراف : ١٧٩ ) وقال : ( - الحديد : ٢٢ ) ومعنى (نبرأها ) : نخلقها بلا خلاف فى اللغة .
• ويقولون ان الخير والشر والحلوّ والمرّ بقضاء من الله عزّ وجل امضاه وقدره ، لايمنكون لانفسهم ضرّ ولا نفعا الا ما شاء الله.
• ويقولون ان الايمان قول وعمل و معرفة يريد بالطاعة وينقص بالمعصية ومن كثرت طاعته ازيد ايمانا ممن هو دونه فى الطاعة.
• ويعتقدون جواز الرأية من العباد المتفين لله عزّ وجل فى القيامة دون الدنيا ، و وجوبها لمن جاء على ذلك ثوابا له بالاخرة كما قال و ووحويها لمن جعل ثوابا له فى الاخرة كما قال : ( - القيامة : ٢٢ ) وقال فى الكفّار : ( • - المظفّفين : ١٥ ) فلو كان المؤمن كلهم يرونهم والكافر كلهم لا يرونهوم كانوا ياجماعهم عنه محجوب.
والله اعلم بالصواب
المراجع
• مصطفى بن محمد بن مصطفى, أصول وتاريخ الفــرق الإسـلاميـة (مصر: مكتبة مشكاة الإسلامية: 1424 هـ - 2003 م)
• أبي الفتح محمد عبد الكريم الشهرستاني, الملل والنحل (بيروت: دار الفكر, 2005م)
• عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي, الفرق بين الفرق (بيروت: دار المعرفة)
• للشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله ، منهج الأشاعرة في العقيدة ، (مصر: مكتبة مشكاة الإسلامية)
• الإمام محمد أبو زهرى, تاريخ المذاهب الإسلامية (القاهرة: دار الفكر العربي, 1996م)
• Abdul Rozak, Rosihon Anwar, Ilmu Kalam (Bandung: Pustaka Setia kawan, 2006, cet.II)
• Tim Karya Ilmiyah Santri Lirboyo 2008, Aliran-Aliran Teologi Islam, (Kediri: Lirboyo, 2008, cet.1)
المقدم
الحمد لله الذي خلق السماوات وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون , وصلى الله وسلم على رسوله المبعوث رحمة للعالمين ، الذي أوضح الحجة وأبان المحجة وترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.. أما بعد :
فإن التفرق في الدين والتخاصم في رب العالمين سنة الأمم قبلنا وواقع حالنا بعدهم ، وقد كانت أول فرقة مرقت من الدين وشقت صفوف المسلمين هي ( الخوارج ) . وإنما كان ضلالها حينئذ في مسألة الإيمان ؛ إذ كفرت المسلمين بالذنوب ، واستحلت دمائهم وأموالهم ، ثم تتابعت الفتن وظهرت الفرق ، وكلما ظهرت البدع وانتقـصت الطاعات وارتكـبت المحرمات ازداد حال الأمة تفرقاً وذلاً وضلالاً.
هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ربى أصحابه على التسليم والاتباع والسمع والطاعة ، فلا تقديم بين يدي الله ورسوله ، ولا اعتراض على أمره ، ولا تولي عن طاعته، فكانوا خير أصحاب وحواريين كما كان نبيهم صلى الله عليه وسلم خير نبي ورسول .
آمنوا بالله ورسوله الإيمان الصادق الحي الذي أثنى الله تعالى عليهم به في كتابه ، وما عرفوه فلسفة ولا نظريات ولا جدلاً ، وإنما هو الطاعة في المنشط والمكره ، والصبر في الرخاء والشدة ، والجهاد بكل معنى من معاني الجهاد.
لم يزل هذا الإيمان يكمل ويزداد من زمن الاضطهاد والحصار بمكة ، إلى أحداث أحد والخندق بالمدينة ، إلى أيام مؤتة وحنين وتبوك ، حتى استقامت نفوسهم وزكت قلوبهم وصلحت أعمالهم ، فما قبض الله تعالى صفيه من خلقه إلا وقد صاروا أهلاً لحمل الأمانة وإبلاغ الرسالة والقيام بأمر هذا الدين كله .
فاجتثوا خبث المرتدين ، ثم ثنوا بالدولتين العظمتين فركبوا إليها البر الأجرد والبحر الأخضر ، وما كانت إلا سنوات معدودات حتى أنفقت كنوز كسري وقيصر في سبيل الله عز وجل ، وأصبحت الظعينة تسير من خراسان إلى الأندلس لا تخاف إلا الله، ودفع ملوك الهند والصين الجزية لأتباع خاتم المرسلين ، وخمدت نار المجوسية وخنست النواقيس والصلبان إلى غياهب أوروبا الهمجية ، وظهر أمر الله وأعداؤه كارهون .
كما أشكر للجامعة معهد العلى هاشم الاشعرى، مما أتيح لي من فرصة لطلب العلم ، وأخص بالشكر الأخوة العاملين بمركز البحث العلمي، وكذا كل من قدم لي خدمة ، أو أسدى إلى توجيهات من الأساتذة الكرام أو الأخوة الزملاء.
والحمد لله أولاً وآخراً
فهرس
المقدم.......................................................................................................................1
الحسن الأشعري و الأشاعرة.................................... ..................................................2
ظهور الأشاعرة.....................................................................................................2
أبو الحسن الأشعرى...................................................................................................2
النشأة.......................................................................................................................4
الإنتشار....................................................................................................................5
الافكار العقائدية.........................................................................................................6
مصدر التلقي .........................................................................................................6
الإيمان...................................................................................................................13
القرآن....................................................................................................................14
افعال العباد.............................................................................................................16
رأية الله..............................................................................................................18
المراجع
فهرس
المقدم.......................................................................................................................ii
فهرس.....................................................................................................................iii
الحسن الأشعري و الأشاعرة.................................... ..................................................1
ظهور الأشاعرة.....................................................................................................1
أبو الحسن الأشعرى...................................................................................................1
النشأة.......................................................................................................................4
الإنتشار....................................................................................................................5
الافكار العقائدية.........................................................................................................7
مصدر التلقي ..........................................................................................................9
الإيمان...................................................................................................................15
القرآن....................................................................................................................14
افعال العباد.............................................................................................................16
رأية الله...............................................................................................................21
المراجع..................................................................................................................23
Lanjuuut..